وَالِاسْتِفْهَامُ الْمُقَدَّرُ بَعْدَ أَمْ الْمُنْقَطِعَةِ تَهَكُّمِيٌّ وَلَيْسَ إِنْكَارِيًا لِأَنَّ تَفْرِيعَ أَمْرِ التَّعْجِيزِ عَلَيْهِ يُعَيِّنُ أَنَّهُ تَهَكُّمِيٌّ. فَالْمَعْنَى: إِنْ كَانَ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَكَانَ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَصَّعَّدُوا إِنِ اسْتَطَاعُوا فِي أَسْبَابِ السَّمَاوَاتِ لِيُخْبَرُوا حَقَائِقَ الْأَشْيَاءِ فَيَتَكَلَّمُوا عَنْ عِلْمٍ فِي كُنْهِ الْإِلَهِ وَصِفَاتِهِ وَفِي إِمْكَانِ الْبَعْثِ وَعَدَمِهِ وَفِي صدق الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ ضِدِّهِ وَلِيَفْتَحُوا خَزَائِنَ الرَّحْمَةِ فَيُفِيضُوا مِنْهَا عَلَى مَنْ يُعْجِبُهُمْ وَيَحْرِمُوا مَنْ لَا يَرْمُقُونَهُ بِعَيْنِ اسْتِحْسَانٍ.
وَالْأَمْرُ فِي فَلْيَرْتَقُوا لِلتَّعْجِيزِ مِثْلَ قَوْلِهِ: فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ [الْحَج: ١٥] .
وَالتَّعْرِيفُ فِي الْأَسْبابِ لِعَهْدِ الْجِنْسِ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ أَنَّ لِكُلِّ مَحَلٍّ مُرْتَفِعٍ أَسْبَابًا يُصْعَدُ بِهَا إِلَيْهِ كَقَوْلِ زُهَيْرٍ:
وَمَنْ هَابَ أَسْبَابَ الْمَنَايَا يَنَلْنَهُ ... وَإِنْ يَرْقَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ
وَقَوْلِ الْأَعْشَى:
فَلَوْ كُنْتَ فِي حِبِّ ثَمَانِينَ قَامَةً ... وَرُقِّيتَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ
وَالسَّبَبُ: الْحَبْلُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الصَّاعِدُ إِلَى النَّخْلَةِ لِلْجِذَاذِ، فَإِنْ جُعِلَ مِنْ حَبْلَيْنِ
وَوُصِلَ بَيْنَ الْحَبْلَيْنِ بِحِبَالٍ مُعْتَرِضَةٍ مَشْدُودَةٍ أَوْ بِأَعْوَادٍ بَيْنَ الْحَبْلَيْنِ مَضْفُورٍ عَلَيْهَا جَنْبَتَا الْحَبْلَيْنِ فَهُوَ السُّلَّمُ. وَحَرْفُ الظَّرْفِيَّةِ اسْتِعَارَةٌ تَبَعِيَّةٌ لِلتَّمَكُّنِ مِنَ الْأَسْبَابِ حَتَّى كَأَنَّهَا ظُرُوفٌ مُحِيطَة بالمرتقين.
[١١]
[سُورَة ص (٣٨) : آيَة ١١]
جُنْدٌ مَا هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ (١١)
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْتِئْنَافًا يَتَّصِلُ بِقَوْلِهِ: كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ [ص: ٣] الْآيَةَ أُرِيدَ بِهِ وَصْلُ الْكَلَامِ السَّابِقِ فَإِنَّهُ تَقَدَّمَ قَوْلَهُ: بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ [ص: ٢] وَتَلَاهُ قَوْلُهُ: كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ الْآيَةَ. فَلَمَّا تَقَضَّى الْكَلَامُ عَلَى تَفْصِيلِ مَا لِلَّذِينِ كَفَرُوا مِنْ عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ وَمَا لِذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ ثُنِيَ الْعِنَانُ إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute