للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

وَجَاءَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يُحْرَسُ فِي الْمَدِينَةِ، وَأَنَّهُ حَرَسَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَحُذَيْفَةُ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَخْرَجَ رَأْسَهُ مِنْ قُبَّةٍ وَقَالَ لَهُمْ:

«الْحَقُوا بِمَلَاحِقِكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ عَصَمَنِي» ،

وَأَنَّهُ قَالَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ سَنَةَ سِتٍّ لِلْأَعْرَابِيِّ غَوْرَثِ بْنِ الْحَارِثِ الَّذِي وَجَدَ رَسُولَ اللَّهِ نَائِمًا فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ وَوَجَدَ سَيْفَهُ مُعَلَّقًا فَاخْتَرَطَهُ وَقَالَ لِلرَّسُولِ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي، فَقَالَ: اللَّهُ، فَسَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِ الْأَعْرَابِيِّ.

وَكُلُّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ زَمَنِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ. وَالَّذِينَ جَعَلُوا بَعْضَ ذَلِكَ سَبَبًا لِنُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ قَدْ خَلَطُوا.

فَهَذِهِ الْآيَةُ تَثْبِيتٌ لِلْوَعْدِ وَإِدَامَةٌ لَهُ وَأَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ مَعَ تَغَيُّرِ صُنُوفِ الْأَعْدَاءِ.

ثُمَّ أَعْقَبَهُ بِقَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ لِيَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بالنّاس كفّارهم، وليؤمي إِلَى أَنَّ سَبَبَ عَدَمِ هِدَايَتِهِمْ هُوَ كُفْرُهُمْ. وَالْمُرَادُ بِالْهِدَايَةِ هُنَا تَسْدِيدُ أَعْمَالِهِمْ وَإِتْمَامُ مُرَادِهِمْ، فَهُوَ وَعْدٌ لِرَسُولِهِ بِأَنَّ أَعْدَاءَهُ لَا يَزَالُونَ مَخْذُولِينَ لَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا لِكَيْدِ الرَّسُولِ

وَالْمُؤْمِنِينَ لُطْفًا مِنْهُ تَعَالَى، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْهِدَايَةَ فِي الدِّينِ لِأَنَّ السِّيَاقَ غَيْرُ صَالح لَهُ.

[٦٨]

[سُورَة الْمَائِدَة (٥) : آيَة ٦٨]

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٦٨)

هَذَا الَّذِي أُمِرَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَهُ لِأَهْلِ الْكِتَابِ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا ثَبَّتَهُ اللَّهُ عَلَى تَبْلِيغِهِ بِقَوْلِهِ: بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ، فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُحَبُّ تَأَلُّفَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَرُبَّمَا كَانَ يَثْقُلُ عَلَيْهِ أَنْ يُجَابِهَهُمْ بِمِثْلِ هَذَا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَقُولُ الْحَقَّ.

فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةُ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ بَيَانًا لِجُمْلَةِ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ