للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَرَأَ نَافِعٌ لَا تَسْمَعُ بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ مَضْمُومَةٍ ولاغِيَةً نَائِبُ فَاعِلٍ، وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَرُوَيْسٌ عَنْ يَعْقُوبَ بِمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ مَضْمُومَةٍ وَبِرَفْعِ لاغِيَةً أَيْضًا فَأُجْرِيَ الْفِعْلُ عَلَى التَّذْكِيرِ لِأَنَّ لاغِيَةً لَيْسَ حَقِيقِيَّ التَّأْنِيثِ وَحَسَّنَهُ وُقُوعُ الْفَصْلِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَبَيْنَ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ، وَقَرَأَهُ ابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَرَوْحٌ عَنْ يَعْقُوبَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَبِنَصْبِ لاغِيَةً، وَالتَّاءُ لِخِطَابِ غير الْمعِين.

[١٢]

[سُورَة الغاشية (٨٨) : آيَة ١٢]

فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ (١٢)

صِفَةٌ ثَالِثَةٌ ل جَنَّةٍ [الغاشية: ١٠] . فَالْمُرَادُ جِنْسُ الْعُيُونِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ [التكوير: ١٤] ، أَيْ عَلِمَتِ النُّفُوسُ، وَهَذَا وَصْفٌ لِلْجَنَّةِ بِاسْتِكْمَالِهَا مَحَاسِنَ الْجَنَّاتِ قَالَ تَعَالَى: أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً [الْإِسْرَاء: ٩١] .

وَإِنَّمَا لَمْ تُعْطَفْ عَلَى الْجُمْلَة الَّتِي قبلهمَا لِاخْتِلَافِهِمَا بِالْفِعْلِيَّةِ فِي الْأُولَى وَالِاسْمِيَّةِ فِي الثَّانِيَةِ، وَذَلِكَ الِاخْتِلَافُ مِنْ مُحَسِّنَاتِ الْفَصْلِ وَلِأَنَّ جُمْلَةَ: لَا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً مَقْصُودٌ مِنْهَا التَّنَزُّهَ عَنِ النَّقَائِصِ وَجُمْلَةَ: فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ مَقْصُودٌ مِنْهَا إِثْبَاتَ بعض محاسنها.

[١٣- ١٦]

[سُورَة الغاشية (٨٨) : الْآيَات ١٣ إِلَى ١٦]

فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (١٣) وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ (١٤) وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ (١٥) وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (١٦)

صِفَةٌ رَابِعَةٌ لِجَنَّةٍ.

وَأُعِيدَ قَوْلُهُ: فِيها دُونَ أَنْ يُعْطَفَ سُرُرٌ على عَيْنٌ [الغاشية: ١٢] عَطْفَ الْمُفْرِدَاتِ لِأَنَّ عَطْفَ السُّرُرِ عَلَى عَيْنٌ يَبْدُو نَابِيًا عَن الذَّوْق لعدم الْجَامِعِ بَيْنَ عَيْنِ الْمَاءِ وَالسُّرُرِ فِي الذِّهْنِ لَوْلَا أَنْ جَمَعَهَا الْكَوْنُ فِي الْجَنَّةِ فَلِذَلِكَ كُرِّرَ ظَرْفُ فِيها تَصْرِيحًا بِأَنَّ تِلْكَ الظَّرْفِيَّةَ هِيَ الْجَامِعُ، وَلِأَنَّ بَيْنَ ظَرْفِيَّةِ الْعَيْنِ الْجَارِيَةِ فِي الْجَنَّةِ وَبَيْنَ ظَرْفِيَّةِ السُّرُرِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِنْ مَتَاعِ الْقُصُورِ وَالْأَثَاثِ تَفَاوُتًا وَلِذَلِكَ عُطِفَ وَأَكْوابٌ، وَنَمارِقُ، وَزَرابِيُّ، لِأَنَّهَا مُتَمَاثِلَةٌ فِي أَنَّهَا مِنْ مَتَاعِ الْمَسَاكِنِ الْفَائِقَةِ.