للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ فِي «الْإِتْقَانِ» قَوْلًا بِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها [مَرْيَم:

٧١] الْآيَةَ مَدَنِيٌّ، وَلَمْ يَعْزُهُ لِقَائِلٍ.

وَهِيَ السُّورَةُ الرَّابِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ فِي تَرْتِيبِ النُّزُولِ نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ فَاطِرٍ وَقَبْلَ سُورَةِ طه. وَكَانَ نُزُولُ سُورَةِ طه قَبْلَ إِسْلَامِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قِصَّةِ إِسْلَامِهِ فَيَكُونُ نُزُولُ هَذِهِ السُّورَةِ أَثْنَاءَ سَنَةِ أَرْبَعٍ مِنَ الْبَعْثَةِ مَعَ أَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ، وَلَيْسَ أَبُو مَرْيَمَ هَذَا مَعْدُودًا فِي الْمُسْلِمِينَ الْأَوَّلِينَ فَلَا أَحْسَبُ الْحَدِيثَ الْمَرْوِيَّ عَنْهُ مَقْبُولًا.

وَوَجْهُ التَّسْمِيَةِ أَنَّهَا بُسِطَتْ فِيهَا قِصَّةُ مَرْيَمَ وَابْنِهَا وَأَهْلِهَا قَبْلَ أَنْ تُفَصَّلَ فِي غَيْرِهَا.

وَلَا يُشْبِهُهَا فِي ذَلِكَ إِلَّا سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ الَّتِي نَزَلَتْ فِي الْمَدِينَةِ.

وَعُدَّتْ آيَاتُهَا فِي عَدَدِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ تِسْعًا وَتِسْعِينَ. وَفِي عَدَدِ أَهْلِ الشَّامِ وَالْكُوفَةِ ثمانا وَتِسْعين.

أغراض السُّورَة

وَيَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ نَزَلَتْ لِلرَّدِّ عَلَى الْيَهُودِ فِيمَا اقْتَرَفُوهُ مِنَ الْقَوْلِ الشَّنِيعِ فِي مَرْيَمَ وَابْنِهَا، فَكَانَ فِيهَا بَيَانُ نَزَاهَةِ آلِ عِمْرَانَ وَقَدَاسَتِهِمْ فِي الْخَيْرِ.

وَهَلْ يُثْبِتُ الْخَطِّيَّ إِلَّا وَشِيجُهُ ثُمَّ التَّنْوِيهِ بِجَمْعٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ مِنْ أَسْلَافِ هَؤُلَاءِ وَقَرَابَتِهِمْ.

وَالْإِنْحَاءِ عَلَى بَعْضِ خَلَفِهِمْ مِنْ ذُرِّيَّاتِهِمُ الَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا عَلَى سُنَنِهِمْ فِي الْخَيْرِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ وَأَتَوْا بِفَاحِشٍ مِنَ الْقَوْلِ إِذْ نَسَبُوا لِلَّهِ وَلَدًا، وَأَنْكَرَ الْمُشْرِكُونَ مِنْهُمُ الْبَعْثَ وَأَثْبَتَ النَّصَارَى وَلَدًا لِلَّهِ تَعَالَى.