مَعَ ضَمِيمَةٍ لَا بُدَّ مِنْهَا. تَسْتَغْنِي عَنِ التِّيهِ فِي مَهَامِّهِ أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ فِي تَفْسِيرِهَا تَجَاوَزَتِ الْأَرْبَعِينَ قَوْلًا.
وَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ: ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ إِلَى الِاصْطِفَاءِ الْمَفْهُومِ مِنِ اصْطَفَيْنا أَوْ إِلَى الْمَذْكُورِ مِنْ الِاصْطِفَاءِ وَإِيرَاثِ الْكِتَابِ.
والْفَضْلُ: الزِّيَادَةُ فِي الْخَيْرِ، والْكَبِيرُ مُرَادٌ بِهِ ذُو الْعِظَمِ الْمَعْنَوِيِّ وَهُوَ الشَّرَفُ وَهُوَ فَضْلُ الْخُرُوجِ مِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ. وَهَذَا الْفَضْلُ مَرَاتِبُ فِي الشَّرَفِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ تَقْسِيمُ أَصْحَابِهِ إِلَى: ظَالِمٍ، وَمُقْتَصِدٍ، وَسَابِقٍ. وَضَمِيرُ الْفَصْلِ لِتَأْكِيدِ الْقَصْرِ الْحَاصِلِ مِنْ تَعْرِيفِ الْجُزْأَيْنِ، وَهُوَ حَقِيقِيٌّ لِأَنَّ الْفَضْلَ الْكَبِيرَ مُنْحَصِرٌ فِي الْمُشَارِ إِلَيْهِ بِذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ فَضْلٍ هُوَ غَيْرُ كَبِيرٍ إِلَّا ذَلِكَ الْفَضْلَ.
وَوَجْهُ هَذَا الِانْحِصَارِ أَنَّ هَذَا الِاصْطِفَاءَ وَإِيرَاثَ الْكِتَابِ جَمَعَ فَضِيلَةَ الدُّنْيَا وَفَضْلَ الْآخِرَةِ قَالَ تَعَالَى: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ [النَّحْل: ٩٧] ، وَقَالَ: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً [النُّور: ٥٥] .
[٣٣]
[سُورَة فاطر (٣٥) : آيَة ٣٣]
جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ (٣٣)
الْأَظْهَرُ أَنَّهُ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ قَوْلِهِ: ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ [فاطر: ٣٢] فَإِنَّ مِمَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الْفَضْلُ دُخُولَهُمُ الْجَنَّةَ كَمَا عَلِمْتَ وَتَخْصِيصُ هَذَا الْفَضْلِ مِنْ بَيْنِ أَصْنَافِهِ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ الْفَضْلِ لِأَنَّهُ أَمَارَةٌ عَلَى رِضْوَانِ اللَّهِ عَنْهُمْ حِينَ إِدْخَالِهِمُ الْجَنَّةَ، وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ [التَّوْبَة: ٧٢] .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا لِبَيَانِ الْفَضْلِ الْكَبِيرِ وَقَدْ بُيِّنَ بِأَعْظَمِ أَصْنَافِهِ. وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ.
وَضَمِيرُ الْجَمَاعَةِ فِي يَدْخُلُونَها رَاجِعٌ إِلَى الَّذِينَ اصْطَفَيْنا [فاطر: ٣٢] الْمُقَسَّمِ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: ظَالِمٍ، وَمُقْتَصِدٍ، وَسَابِقٍ، أَيْ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute