للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاقْتِرَانُهَا بِضَمِيرِ الْفَصْلِ يُفِيدُ التَّخْصِيصَ أَنْ لَا يَنْشُرَ غَيْرَ تِلْكَ الْآلِهَةِ. وَالْمُرَادُ: إِنْشَارُ

الْأَمْوَاتِ، أَيْ بَعْثُهُمْ. وَهَذَا مَسُوقٌ لِلتَّهَكُّمِ وَإِدْمَاجٌ لِإِثْبَاتِ الْبَعْثِ بطريقة سوق الْمَعْلُوم مساق غَيْرِهِ الْمُسَمّى بتجاهل الْعَارِف، إِذْ أَبْرَزَ تَكْذِيبَهُمْ بِالْبَعْثِ الَّذِي أَخْبَرَهُمُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُورَةِ تَكْذِيبِهِمِ اسْتِطَاعَةَ اللَّهِ ذَلِكَ وَعَجْزَهُ عَنْهُ، أَيْ أَنَّ الْأَوْلَى بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْبَعْثِ شُرَكَاؤُهُمْ فَكَانَ وُقُوعُ الْبَعْثِ أَمْرٌ لَا يَنْبَغِي النِّزَاعُ فِيهِ فَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْمُنَازِعُونَ فَإِنَّمَا يُنَازِعُونَ فِي نِسْبَتِهِ إِلَى اللَّهِ وَيَرُومُونَ بِذَلِكَ نِسْبَتَهُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ فَأُنْكِرَتْ عَلَيْهِمْ هَذِهِ النِّسْبَةُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ الْمُفْعَمَةِ بِالنُّكَتِ، وَالْمُشْرِكُونَ لَمْ يَدَّعُوا لِآلِهَتِهِمْ أَنَّهَا تَبْعَثُ الْمَوْتَى وَلَا هُمْ مُعْتَرِفُونَ بِوُقُوعِ الْبَعْثِ وَلَكِنْ نُزِّلُوا مَنْزِلَةَ مَنْ يَزْعُمُ ذَلِكَ إِبْدَاعًا فِي الْإِلْزَامِ. وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ [النَّحْلِ: ٢١] فِي ذِكْرِ الْآلِهَةِ: أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ.

[٢٢]

[سُورَة الْأَنْبِيَاء (٢١) : آيَة ٢٢]

لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢)

جُمْلَةٌ مُبَيِّنَةٌ لِلْإِنْكَارِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً [الْأَنْبِيَاء: ٢١] وَلِذَلِكَ فُصِّلَتْ وَلَمْ تُعْطَفْ.

وَضَمِيرُ الْمُثَنَّى عَائِدٌ إِلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الْأَنْبِيَاء: ١٩] مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الْأَنْبِيَاء: ١٩] أَيْ لَوْ كَانَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ آلِهَةٌ أُخْرَى وَلَمْ يَكُنْ جَمِيعُ مَنْ فِيهَا مِلْكًا لِلَّهِ وَعِبَادًا لَهُ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَاخْتَلَّ نِظَامَهُمَا الَّذِي خُلِقَتَا بِهِ.

وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ عَلَى بُطْلَانِ عَقِيدَةِ الْمُشْرِكِينَ إِذْ زَعَمُوا أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ آلِهَةً شُرَكَاءَ لَهُ فِي تَدْبِيرِ الْخَلْقِ، أَيْ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ