وَهُوَ عَالِمٌ بِمُجْمَلِ أَحْوَالِ الْقُرُونِ الْأَوْلَى وَغَيْرُ عَالِمٍ بِتَفَاصِيلِ أَحْوَالِهِمْ وَأَحْوَالِ أَشْخَاصِهِمْ.
وَإِضَافَةُ عِلْمُها مِنْ إِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إِلَى مَفْعُولِهِ. وَضَمِيرُ عِلْمُها عَائِدٌ إِلَى الْقُرُونِ الْأُولى لِأَنَّ لَفْظَ الْجَمْعِ يَجُوزُ أَنْ يُؤَنَّثَ ضَمِيرُهُ.
وَقَوْلُهُ فِي كِتابٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ مَجَازًا فِي تَفْصِيلِ الْعِلْمِ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْأُمُورِ الْمَكْتُوبَةِ، وَأَنْ يَكُونَ كِنَايَةً عَنْ تَحْقِيقِ الْعِلْمِ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ الْمَكْتُوبَةَ تَكُونُ مُحَقَّقَةً كَقَوْلِ الْحَارِثِ بْنِ حِلِّزَةَ:
وَهَلْ يَنْقُضُ مَا فِي الْمَهَارِقِ الْأَهْوَاءُ وَيُؤَكِّدُ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى.
وَالضَّلَالُ: الْخَطَأُ فِي الْعِلْمِ، شُبِّهَ بِخَطَأِ الطَّرِيقِ. وَالنِّسْيَانُ: عَدَمُ تَذَكُّرِ الْأَمْرِ الْمَعْلُومِ فِي ذهن الْعَالم.
[٥٣- ٥٤]
[سُورَة طه (٢٠) : الْآيَات ٥٣ إِلَى ٥٤]
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى (٥٣) كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (٥٤)
هَذِهِ جُمَلٌ ثَلَاثٌ مُعْتَرِضَةٌ فِي أَثْنَاءِ قِصَّةِ مُوسَى.
فَالْجُمْلَةُ الْأُولَى مِنْهَا مُسْتَأْنَفَةٌ ابْتِدَائِيَّةٌ عَلَى عَادَةِ الْقُرْآنِ من تفنّن الْأَغْرَاض لِتَجْدِيدِ نَشَاطِ الْأَذْهَانِ. وَلَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ كَلَامِ مُوسَى إِذْ لَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ تَفْرِيعَ قَوْلِهِ: فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً. فَقَوْلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute