للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَ (مِنَ) ابتدائية صفة (بَلَاغ) ، أَيْ بَلَاغًا كَائِنًا مِنْ جَانِبِ اللَّهِ، أَيْ إِلَّا كَلَامًا أُبَلِّغُهُ مِنَ الْقُرْآنِ الْمُوحَى مِنَ اللَّهِ.

ورِسالاتِهِ: جَمْعُ رِسَالَةٍ، وَهِيَ مَا يُرْسَلُ مِنْ كَلَامٍ أَوْ كِتَابٍ فَالرِّسَالَاتُ بَلَاغٌ

خَاصٌّ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ، فَالْمُرَادُ مِنْهَا هُنَا تَبْلِيغُ الْقُرْآنِ.

وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً.

لَمَّا كَانَ قَوْله: قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً [الْجِنّ: ٢٠] إِلَى هُنَا كَلَامًا مُتَضَمِّنًا أَنَّهُمْ أَشْرَكُوا وَعَانَدُوا الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَعَاهُمْ إِلَى التَّوْحِيدِ وَاقْتَرَحُوا عَلَيْهِ مَا تَوَهَّمُوهُ تَعْجِيزًا لَهُ مِنْ ضُرُوبِ الِاقْتِرَاحِ، أَعْقَبَ ذَلِكَ بِتَهْدِيدِهِمْ وَوَعِيدِهِمْ بِأَنَّهُمْ إِنْ دَامُوا عَلَى عِصْيَانِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ سَيَلْقَوْنَ نَارَ جَهَنَّمَ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْصِي اللَّهَ وَرَسُولَهُ كَانَتْ لَهُ نَارُ جَهَنَّمَ.

ومِنَ شَرْطِيَّةٌ وَجَوَابُ الشَّرْطِ قَوْلُهُ: فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ.

[٢٤]

[سُورَة الْجِنّ (٧٢) : آيَة ٢٤]

حَتَّى إِذا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً (٢٤)

كَانُوا إِذَا سَمِعُوا آيَاتِ الْوَعْدِ بِنَصْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمِينَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَآيَاتِ الْوَعِيدِ لِلْمُشْرِكِينَ بِالِانْهِزَامِ وَعَذَابِ الْآخِرَةِ وَعَذَابِ الدُّنْيَا اسْتَسْخَرُوا مِنْ ذَلِكَ وَقَالُوا: وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ [سبأ: ٣٥] ، وَيَقُولُونَ: مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [السَّجْدَة: ٢٨] ، وَيَقُولُونَ: مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [يُونُس: ٤٨] ، وَقَالُوا: رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ [ص: ١٦] ، فَهُمْ مَغْرُورُونَ بِالِاسْتِدْرَاجِ وَالْإِمْهَالِ فَلِذَلِكَ عَقَّبَ وَعِيدَهُمْ بِالْغَايَةِ الْمُفَادَةِ مِنْ حَتَّى، فَالْغَايَةُ هُنَا مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ مِنْ سُخْرِيَةِ الْكُفَّارِ مِنَ الْوَعِيدِ وَاسْتِضْعَافِهِمُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْعَدَدِ وَالْعُدَدِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُمْ لَا يَزَالُونَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ غَالِبُونَ فَائِزُونَ حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ تَحَقَّقُوا إِخْفَاقَ آمَالِهِمْ.

وحَتَّى هُنَا ابْتِدَائِيَّةٌ وَكُلَّمَا دَخَلَتْ حَتَّى فِي جُمْلَةٍ مُفْتَتَحَةٍ بِ إِذا فَ حَتَّى