للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَرِضَى اللَّهِ عَنْهُمْ عِنَايَتُهُ بِهِمْ وَإِكْرَامُهُ إِيَّاهُمْ وَدِفَاعُهُ أَعْدَاءَهُمْ، وَأَمَّا رِضَاهُمْ عَنْهُ فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَةِ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ حَتَّى رَضِيَتْ نُفُوسُهُمْ لِمَا أَعْطَاهُمْ رَبُّهُمْ.

وَالْإِعْدَادُ: التَّهْيِئَةُ. وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِالْعِنَايَةِ وَالْكَرَامَةِ. وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى جَرْيِ الْأَنْهَارِ.

وَقَدْ خَالَفَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عِنْدَ مُعْظَمِ الْقُرَّاءِ أَخَوَاتِهَا فَلَمْ تُذْكَرْ فِيهَا (مِنْ) مَعَ (تَحْتِهَا) فِي غَالِبِ الْمَصَاحِفِ وَفِي رِوَايَةِ جُمْهُورِ الْقُرَّاءِ، فَتَكُونُ خَالِيَةً مِنَ التَّأْكِيدِ إِذْ لَيْسَ لِحَرْفِ (مِنْ) مَعْنًى مَعَ أَسْمَاءِ الظُّرُوفِ إِلَّا التَّأْكِيدُ، وَيَكُونُ خُلُوُّ الْجُمْلَةِ مِنَ التَّأْكِيدِ لِحُصُولِ مَا يُغْنِي عَنْهُ مِنْ إِفَادَةِ التَّقَوِّي بِتَقْدِيمِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ عَلَى الْخَبَرِ الْفِعْلِيِّ، وَمِنْ فِعْلِ (أَعَدَّ) الْمُؤْذِنِ بِكَمَالِ الْعِنَايَةِ فَلَا يَكُونُ الْمُعَدُّ إِلَّا أَكْمَلَ نَوْعِهِ.

وَثَبَتَتْ (مِنْ) فِي مُصْحَفِ مَكَّةَ، وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ كَثِيرٍ الْمَكِّيِّ، فَتَكُونُ مُشْتَمِلَةً عَلَى زِيَادَة مؤكدين.

[١٠١]

[سُورَة التَّوْبَة (٩) : آيَة ١٠١]

وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ (١٠١)

كَانَتِ الْأَعْرَابُ الَّذِينَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ قَدْ خَلَصُوا لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَطَاعُوهُ وَهُمْ جُهَيْنَةُ، وَأَسْلَمُ، وَأَشْجَعُ، وَغِفَارٌ، وَلِحْيَانُ، وَعُصَيَّةُ، فَأَعْلَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ فِي هَؤُلَاءِ مُنَافِقِينَ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِكُلِّ مَنْ يُظْهِرُ لَهُ الْمَوَدَّةَ.

وَكَانَتِ الْمَدِينَةُ قَدْ خَلَصَ أَهْلُهَا لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَطَاعُوهُ فَأَعْلَمَهُ اللَّهُ أَنَّ فِيهِمْ بَقِيَّةً مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لِأَنَّهُ تَأَصَّلَ فِيهِمْ مِنْ وَقْتِ دُخُولِ الْإِسْلَامِ بَيْنَهُمْ.

وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ، لَا نَعْتٌ. وَ (مِنْ) فِي قَوْلِهِ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ لِلتَّبْعِيضِ وَ (مِنْ) فِي قَوْلِهِ: مِنَ الْأَعْرابِ لِبَيَانِ (مَنْ) الْمَوْصُولَةِ.