للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَدْخُلُ عَلَى: حِينٍ وَأَوَانٍ وَآنٍ (١) يُرِيدُ أَنَّ التَّاء لَا حقة لِأَوَّلِ الِاسْمِ الَّذِي بَعْدَ (لَا) وَلَكِنَّهُ لَمْ يُفَسِّرْ لِدُخُولِهَا مَعْنًى. وَقد

اعتذر الْأَئِمَّة عَنْ وُقُوعِ التَّاءِ مُتَّصِلَةً بِ حِينَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُصْحَفِ الْإِمَامِ بِأَنَّ رَسْمَ الْمُصْحَفِ قَدْ يُخَالِفُ الْقِيَاسَ، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِ الْمُصْحَفِ الَّذِي رَآهُ أَبُو عُبَيدٍ مِنَ الْمَصَاحِفِ الْمُعَاصِرَةِ لِذَلِكَ الْمُصْحَفِ وَالْمَرْسُومَةِ بَعْدَهُ. وَالْمَنَاصُ: النَّجَاءُ وَالْفَوْتُ، وَهُوَ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ، يُقَالُ: نَاصَّهُ، إِذَا فَاتَهُ.

وَالْمَعْنَى: فَنَادَوْا مُبْتَهِلِينَ فِي حَالٍ لَيْسَ وَقْتَ نَجَاءٍ وَفَوْتٍ، أَيْ قَدْ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْهَلَاكُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ [غَافِر: ٨٥] .

[٤- ٥]

[سُورَة ص (٣٨) : الْآيَات ٤ الى ٥]

وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هَذَا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجابٌ (٥)

وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ.

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ [ص: ٢] فَهُوَ مِنَ الْكَلَامِ الْوَاقِعِ الْإِضْرَابِ لِلِانْتِقَالِ إِلَيْهِ كَمَا وَقَعَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ [ق: ١، ٢] .

وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ اسْتَقَرَّ فِي نُفُوسِهِمُ اسْتِحَالَةُ بَعْثَةِ رَسُولٍ مِنْهُمْ فَذَلِكَ سَبَبٌ آخَرُ لِانْصِرَافِهِمْ عَنِ التَّذَكُّرِ بِالْقُرْآنِ.

وَالْعَجَبُ حَقِيقَتُهُ: انْفِعَالٌ فِي النَّفْسِ يَنْشَأُ عَنْ عِلْمٍ بِأَمْرٍ غَيْرِ مُتَرَقِّبٍ وُقُوعُهُ عِنْدَ النَّفْسِ، وَيُطْلَقُ عَلَى إِنْكَارِ شَيْءٍ نَادِرٍ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ بِعَلَاقَةِ اللُّزُومِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:

قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ فِي سُورَةِ هُودٍ [٧٣] فَإِنَّ مَحَلَّ الْعِتَابِ هُوَ كَوْنُ امْرَأَةِ إِبْرَاهِيمَ أَحَالَتْ أَنْ تَلِدَ، وَهِيَ عَجُوزٌ وَكَذَلِكَ إِطْلَاقُهُ هُنَا. وَالْمَعْنَى: وَأَنْكَرُوا وأحالوا أَن جَاءَ هم مُنْذِرٌ مِنْهُمْ.


(١) يُشِير إِلَى قَول أبي زبيد: