[سُورَة هود (١١) : آيَة ١٠٩]
فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (١٠٩)
تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَصَصِ الْمَاضِيَةِ فَإِنَّهَا تُكْسِبُ سَامِعَهَا يَقِينًا بِبَاطِلِ مَا عَلَيْهِ عَبْدَةُ الْأَصْنَامِ وَبِخَيْبَةِ مَا أَمَّلُوهُ فِيهِمْ مِنَ الشَّفَاعَةِ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّ سَابِقَ شَقَائِهِمْ فِي الدُّنْيَا بِعَذَابِ الِاسْتِئْصَالِ يُؤْذِنُ بِسُوءِ حَالِهِمْ فِي الْآخِرَةِ، فَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ نَهْيَ السَّامِعِ أَنْ يَشُكَّ فِي سُوءِ الشِّرْكِ وَفَسَادِهِ.
وَالْخِطَابُ فِي نَحْوِ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ يَقْصِدُ بِهِ أَيَّ سامع لَا سامع معيّن سَوَاءٌ كَانَ
مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ أَنْ يَشُكَّ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا إِذْ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مُعَيَّنًا.
وَيَجُوزُ أَنْ يكون الْخطاب للنبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيكون فَلا تَكُ مَقْصُودًا بِهِ مُجَرَّدُ تَحْقِيقِ الْخَبَرِ فَإِنَّهُ جَرَى مَجْرَى الْمَثَلِ فِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِثْلَ كَلِمَةِ: لَا شَكَّ، وَلَا مَحَالَةَ، وَلَا أَعْرِفَنَّكَ، وَنَحْوَهَا.
وَيَجُوزُ أَنْ يكون تثبيتا للنبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا يَلْقَاهُ مِنْ قَوْمِهِ مِنَ التَّصَلُّبِ فِي الشِّرْكِ، أَيْ لَا تَكُنْ شَاكًّا فِي أَنَّكَ لَقِيتَ مِنْ قَوْمِكَ مِنَ التَّكْذِيبِ مِثْلَ مَا لَقِيَهُ الرُّسُلُ مِنْ أُمَمِهِمْ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا عِبَادَةَ كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ مُتَوَارِثِينَهَا عَنْ أَسْلَافِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ الْبَائِدَةِ.
وفِي لِلظَّرْفِيَّةِ الْمَجَازِيَّةِ.
وَالْمِرْيَةُ- بِكَسْرِ الْمِيمِ-: الشَّكُّ. وَقَدْ جَاءَ فِعْلُهَا عَلَى وَزْنِ فَاعَلَ أَوْ تَفَاعَلَ وَافْتَعَلَ.
وَلَمْ يَجِئْ عَلَى وَزْنٍ مُجَرَّدٍ لأنّ أصل المُرَاد الْمُجَادَلَةُ وَالْمُدَافَعَةُ مُسْتَعَارًا مِنْ مَرَيْتُ الشَّاةَ إِذَا اسْتَخْرَجْتُ لَبَنَهَا. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَا يُجَارَى وَلَا يُمَارَى. وَفِي الْقُرْآنِ أَفَتُمارُونَهُ عَلى مَا يَرى
[النَّجْم: ١٢] . وَقَدْ تَقَدَّمَ الِامْتِرَاءُ عِنْدَ قَوْلِهِ: ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ فِي أَوَّلِ الْأَنْعَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute