للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سُورَة الْبَقَرَة (٢) : آيَة ٢٠٣]

وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٠٣)

مَعْطُوفٌ عَلَى فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ [الْبَقَرَة: ٢٠٠] وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ، وَإِعَادَةُ فِعْلِ اذْكُرُوا لِيُبْنَى عَلَيْهِ تَعْلِيقُ الْمَجْرُورِ أَيْ قَوْلُهُ: فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ لِبُعْدِ مُتَعَلِّقِهِ وَهُوَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ، لِأَنَّهُ أُرِيدَ تَقْيِيدُ الذِّكْرِ بِصِفَتِهِ ثُمَّ تَقْيِيدُهُ بِزَمَانِهِ وَمَكَانِهِ.

فَالذِّكْرُ الثَّانِي هُوَ نَفْسُ الذِّكْرِ الْأَوَّلِ وَعَطْفُهُ عَلَيْهِ مَنْظُورٌ فِيهِ إِلَى الْمُغَايَرَةِ بِمَا عُلِّقَ بِهِ مِنْ زَمَانِهِ.

وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ مِنَى، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ، يُقِيمُ النَّاسُ فِيهَا بِمِنَى وَتُسَمَّى أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، لِأَنَّ النَّاسَ يُقَدِّدُونَ فِيهَا اللَّحْمَ، وَالتَّقْدِيدُ تَشْرِيقٌ، أَوْ لِأَنَّ الْهَدَايَا لَا تُنْحَرُ فِيهَا حَتَّى تُشْرِقَ الشَّمْسُ. وَكَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ إِقَامَتَهُمْ بِمِنَى بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْمُرَادُ هُنَا بِالْأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ، وَلِذَلِكَ قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ

الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ مِنَى وَهِيَ بَعْدَ الْيَوْمِ الْعَاشِرِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَقَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ وَالضَّحَّاكِ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَمَالِكٍ، وَهِيَ غَيْرُ الْمُرَادِ مِنَ الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ الَّتِي فِي قَوْله تَعَالَى: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ فِي [سُورَةِ الْحَجِّ: ٢٨] .

فَالْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ أَيَّامُ النَّحْرِ الثَّلَاثَةُ، وَهِيَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ. وَالْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ مِنَى بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ، فَالْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنَ الْمَعْلُومَاتِ لَا مِنَ الْمَعْدُودَاتِ،