وَفُسِّرَ أَيْضًا سَوِيًّا بِأَنَّهُ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِ، أَيْ حَالَ كَوْنِكَ سَوِيًّا، أَيْ بِدُونِ عَاهَةِ الْخَرَسِ وَالْبَكَمِ، وَلَكِنَّهَا آيَةٌ لَكَ اقْتَضَتْهَا الْحِكْمَةُ الَّتِي بَيَّنَّاهَا فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ. وَعَلَى هَذَا فَذِكْرُ الْوَصْفِ لِمُجَرَّدِ تَأْكِيدِ الطُّمَأْنِينَةِ، وَإِلَّا فَإِنَّ تَأْجِيلَهُ بِثَلَاثِ لَيَالٍ كَافٍ فِي الِاطْمِئْنَانِ عَلَى انْتِفَاء العاهة.
[١١]
[سُورَة مَرْيَم (١٩) : آيَة ١١]
فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (١١)
الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ خَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ لِيُصَلِّيَ عَلَى عَادَتِهِ، فَكَانَ فِي مِحْرَابِهِ فِي صَلَاةٍ خَاصَّةٍ وَدُعَاءٍ خَفِيٍّ، ثُمَّ خَرَجَ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ إِذْ هُوَ الْحَبْرُ الْأَعْظَمُ لَهُمْ.
وَضُمِّنَ خَرَجَ مَعْنَى طَلَعَ فَعُدِيَّ بِ عَلى كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ [الْقَصَص: ٧٩] .
وَالْمِحْرَابُ: بَيْتٌ أَوْ مُحْتَجَرٌ يُخَصَّصُ لِلْعِبَادَةِ الْخَاصَّةِ. قَالَ الْحَرِيرِيُّ: فَمِحْرَابِي أَحْرَى بِي.
وَالْوَحْيُ: الْإِشَارَةُ بِالْعَيْنِ أَوْ بِغَيْرِهَا، وَالْإِيمَاءُ لِإِفَادَةِ مَعْنًى شَأْنُهُ أَنْ يُفَادَ بِالْكَلَامِ.
وَ (أَنْ) تَفْسِيرِيَّةٌ. وَجُمْلَةُ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا تَفْسِير (لأوحى) ، لِأَنَّ (أَوْحَى) فِيهِ مَعْنَى الْقَوْلِ دُونَ حُرُوفِهِ.
وَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالتَّسْبِيحِ لِئَلَّا يَحْسَبُوا أَنَّ زَكَرِيَّاءَ لَمَّا لَمْ يُكَلِّمْهُمْ قَدْ نَذَرَ صَمْتًا فَيَقْتَدُوا بِهِ فَيَصْمُتُوا، وَكَانَ الصَّمْتُ مِنْ صُنُوفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute