وَذُكِرَ الْمَوْصُولُ فِي تَعْرِيفِهِمْ لِأَنَّ الْمَوْصُولَ لِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّ سَبَبَ فَوْزِهِمْ هُوَ سَبْقُ تَقْدِيرِ الْهِدَايَةِ لَهُمْ. وَذُكِرَ اسْمُ الْإِشَارَةِ بَعْدَ ذَلِكَ لِتَمْيِيزِهِمْ بِتِلْكَ الْحَالَةِ الْحَسَنَةِ، وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُمْ أَحْرِيَاءُ بِمَا يُذْكَرُ بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ مِنْ أَجْلِ مَا تَقَدَّمَ عَلَى اسْمِ الْإِشَارَةِ مِنَ الْأَوْصَافِ، وَهُوَ سَبْقُ الْحُسْنَى مِنَ اللَّهِ.
وَاخْتِيرَ اسْمُ إِشَارَةِ الْبَعِيدِ لِلْإِيمَاءِ إِلَى رِفْعَةِ مَنْزِلَتِهِمْ، وَالرِّفْعَةُ تُشَبَّهُ بِالْبُعْدِ.
وَجُمْلَةُ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها بَيَانٌ لِمَعْنَى مُبْعَدُونَ، أَيْ مُبْعَدُونَ عَنْهَا بُعْدًا شَدِيدًا بِحَيْثُ لَا يَلْفَحُهُمْ حَرُّهَا وَلَا يَرُوعُهُمْ مَنْظَرُهَا وَلَا يَسْمَعُونَ صَوْتَهَا، وَالصَّوْتُ يَبْلُغُ إِلَى السَّمْعِ من أبعد مِمَّا يَبْلُغُ مِنْهُ الْمَرْئِيُّ.
وَالْحَسِيسُ: الصَّوْتُ الَّذِي يَبْلُغُ الْحِسَّ، أَيِ الصَّوْتُ الَّذِي يُسْمَعُ مِنْ بَعِيدٍ، أَيْ لَا يَقْرُبُونَ مِنَ النَّارِ وَلَا تَبْلُغُ أَسْمَاعَهُمْ أَصْوَاتُهَا، فَهُمْ سَالِمُونَ مِنَ الْفَزَعِ مِنْ أَصْوَاتِهَا فَلَا يَقْرَعُ أَسْمَاعَهُمْ مَا يُؤْلِمُهَا.
وَعَقَّبَ ذَلِكَ بِمَا هُوَ أَخَصُّ مِنَ السَّلَامَةِ وَهُوَ النَّعِيمُ الْمُلَائِمُ. وَجِيءَ فِيهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ وَهُوَ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ وَمَا يَدُلُّ عَلَى الدَّوَامِ وَهُوَ خالِدُونَ.
وَالشَّهْوَةُ: تَشَوُّقُ النَّفْسِ إِلَى مَا يَلَذُّ لَهَا.
وَجُمْلَةُ لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ خَبَرٌ ثَانٍ عَنِ الْمَوْصُولِ.
وَالْفَزَعُ: نَفْرَةُ النَّفْسِ وَانْقِبَاضُهَا مِمَّا تَتَوَقَّعُ أَنْ يَحْصُلَ لَهَا مِنَ الْأَلَمِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْجَزَعِ. وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا فَزَعُ الْحَشْرِ حِينَ لَا يَعْرِفُ أَحَدٌ مَا سَيَؤُولُ إِلَيْهِ أَمْرُهُ، فَيَكُونُونَ فِي أَمْنٍ مِنْ ذَلِكَ بِطَمْأَنَةِ الْمَلَائِكَةِ إِيَّاهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute