للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالتَّعْرِيفُ فِي الْمُلْكُ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ، فَدَلَّتْ جُمْلَةُ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ عَلَى أَنَّ مَاهِيَّةَ الْمُلْكِ مَقْصُورَةٌ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْكَوْنِ مُلْكًا لِلَّهِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى الْحَمْدُ لِلَّهِ [الْفَاتِحَة: ٢] أَيْ لَا مُلْكَ لِغَيْرِهِ يَوْمَئِذٍ.

وَالْمَقْصُودُ بِالْكَلَامِ هُوَ جُمْلَةُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ إِذْ هم الْبَدَلُ. وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ جُمْلَةُ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ تَمْهِيدًا لَهَا وَلِيَقَعَ الْبَيَانُ بِالْبَدَلِ بَعْدَ الْإِبْهَامِ الَّذِي فِي الْمُبْدَلِ مِنْهُ.

وَافْتُتِحَ الْخَبَرُ عَنِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاسْمِ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِهِ فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُمُ اسْتَحَقُّوا الْعَذَابَ الْمُهِينَ لِأَجْلِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صِفَتِهِمْ بِالْكُفْرِ وَالتَّكْذِيبِ بِالْآيَاتِ.

وَالْمُهِينُ: الْمُذِلُّ، أَيْ لَهُمْ عَذَابٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَا فِيهِ مَذَلَّتُهُمْ كَالضَّرْبِ بِالْمَقَامِعِ وَنَحْوِهِ.

وَقُرِنَ فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ بِالْفَاءِ لِمَا تَضَمَّنَهُ التَّقْسِيمُ مِنْ مَعْنَى حَرْفِ التَّفْصِيلِ وَهُوَ (أَمَّا) ، كَأَنَّهُ قِيلَ: وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا، لِأَنَّهُ لَمَّا تَقَدَّمَ ثَوَابُ الَّذِينَ آمَنُوا كَانَ الْمَقَامُ مُثِيرًا لِسُؤَالِ مَنْ يَتَرَقَّبُ مُقَابَلَةَ ثَوَابِ الْمُؤْمِنِينَ بِعِقَابِ الْكَافِرِينَ وَتِلْكَ الْمُقَابَلَةُ مِنْ مَوَاقِعِ حَرْفِ التَّفْصِيلِ.

وَالرِّزْقُ: الْعَطَاءُ، وَهُوَ كُلُّ مَا يُتَفَضَّلُ بِهِ مِنْ أَعْيَانٍ وَمَنَافِعَ، وَوَصْفُهُ بِالْحُسْنِ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ يُرْضِيهِمْ بِحَيْثُ لَا يَتَطَلَّبُونَ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ لَا أَحْسَنَ مِنْهُ.

وَجُمْلَةُ لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ بَدَلٌ مِنْ جُمْلَةِ لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً، وَهِيَ بَدَلُ اشْتِمَالٍ، لِأَنَّ كَرَامَةَ الْمَنْزِلِ مِنْ جُمْلَةِ