وَمَعْنَى اطْمَأَنَّ: اسْتَقَرَّ وَسَكَنَ فِي مَكَانِهِ. وَمَصْدَرُهُ الِاطْمِئْنَانُ وَاسْمُ الْمَصْدَرِ الطُّمَأْنِينَةُ. وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي فِي [سُورَةِ الْبَقَرَةِ: ٢٦٠] .
وَالْمَعْنَى: اسْتَمَرَّ عَلَى التَّوْحِيدِ فَرِحًا بِالْخَيْرِ الَّذِي أَصَابَهُ، وَاسْتِقْرَارُ مِثْلِ هَذَا عَلَى الْإِيمَانِ يُصَيِّرُهُ مُؤْمِنًا إِذَا زَالَ عَنْهُ التَّرَدُّدُ. وَحَالُ هَؤُلَاءِ قَرِيبٌ مِنْ حَالِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ.
وَالِانْقِلَابُ: مُطَاوِعٌ قَلَبَهُ إِذَا كَبَّهُ، أَيْ أَلْقَاهُ عَلَى عَكْسِ مَا كَانَ عَلَيْهِ بِأَنْ جَعَلَ مَا كَانَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ كَمَا يُقْلَبُ الْقَالَبُ- بِفَتْحِ اللَّامِ-. فَالِانْقِلَابُ مُسْتَعْمَلٌ فِي حَقِيقَتِهِ، وَالْكَلَامُ تَمْثِيلٌ. وَتَفْسِيرُنَا الِانْقِلَابَ هُنَا بِهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ عَلى وَجْهِهِ أَيْ سَقَطَ وَانْكَبَّ عَلَيْهِ، كَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
يَكُبُّ عَلَى الْأَذْقَانِ دَوْحَ الْكَنَهْبَلِ
وَكَقَوْلِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ لَا يُنَازِعُهُمْ فِيهِ أَحَدٌ إِلَّا كَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ»
. وَحَرْفُ الِاسْتِعْلَاءِ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَيْضًا الْمُلَائِمُ لِتَمْثِيلِ أَوَّلِ حَالِهِ بِحَالِ مَنْ هُوَ عَلَى حَرْفٍ.
وَيُطْلَقُ الِانْقِلَابُ كَثِيرًا عَلَى الِانْصِرَافِ مِنَ الْجِهَةِ الَّتِي أَتَاهَا إِلَى الْجِهَةِ الَّتِي جَاءَ مِنْهَا، وَهُوَ مَجَازٌ شَائِعٌ وَبِهِ فَسَّرَ الْمُفَسِّرُونَ. وَلَا يُنَاسِبُ اعْتِبَارُهُ هُنَا لِأَنَّ مِثْلَهُ يُقَالُ فِيهِ:
انْقَلَبَ عَلَى عَقِبَيْهِ لَا عَلَى وَجْهِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ [الْبَقَرَة: ١٤٣] إِذِ الرُّجُوعُ إِنَّمَا يَكُونُ إِلَى جِهَةٍ غَيْرِ جِهَةِ الْوَجْهِ.
وَالْفِتْنَةُ: اضْطِرَابُ الْحَالِ وَقَلَقُ الْبَالِ مِنْ حُدُوثِ شَرٍّ لَا مَدْفَعَ لَهُ، وَهِيَ مُقَابِلُ الْخَيْرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute