للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا حَالٌ عَظِيمٌ وَهُوَ مَا هَيَّأَ اللَّهُ لَهُمْ فِي أَمْرِهِمْ مِنْ مَرْفِقٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ عَلَى اهْتِدَائِهِمْ وَهُوَ مِنْ لُطْفِ اللَّهِ بِهِمْ.

وَالْخِطَابُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ. وَالْمَعْنَى: يَرَى مَنْ تُمْكِنُهُ الرُّؤْيَةُ. وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:

تَرَى عَافِيَاتِ الطَّيْرِ قَدْ وَثِقَتْ لَهَا ... بِشَبَعٍ مِنَ السَّخْلِ الْعِتَاقِ الْأَكِايِلِ

وَقَدْ أَوْجَزَ مِنَ الْخَبَرِ أَنَّهُمْ لَمَّا قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ [الْكَهْفِ:

١٦] أَنَّهُمْ أَوَوْا إِلَيْهِ. وَالتَّقْدِيرُ: فَأَخَذُوا بِنَصِيحَتِهِ فَأَوَوْا إِلَى الْكَهْفِ. وَدَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي صَدْرِ الْقِصَّةِ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ [الْكَهْفِ: ١٠] فَرَدَّ عَجُزَ الْكَلَامِ على صَدره.

وتَتَزاوَرُ مُضَارِعٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الزَّوْرِ- بِفَتْحِ الزَّايِ-، وَهُوَ الْمَيْلُ. وَقَرَأَهُ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَأَبُو جَعْفَرٍ- بِفَتْحِ التَّاءِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ بَعْدَهَا أَلِفٌ وَفَتْحِ الْوَاوِ-. وَأَصْلُهُ:

تَتَزَاوَرُ- بِتَاءَيْنِ أُدْغِمَتْ تَاءُ التَّفَاعُلِ فِي الزَّايِ تَخْفِيفًا-.

وَقَرَأَهُ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ- بِتَخْفِيفِ الزَّايِ- عَلَى حَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ وَهِيَ تَاءُ الْمُضَارَعَةِ لِلتَّخْفِيفِ اجْتِزَاءً بِرَفْعِ الْفِعْلِ الدَّالِّ عَلَى الْمُضَارَعَةِ-. وَقَرَأَهُ ابْنُ عَامِرٍ وَيَعْقُوبُ تَزْوَرُّ- بِفَتْحِ التَّاءِ بَعْدَهَا زَايٌ سَاكِنَةٌ وَبِفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ- بِوَزْنِ تَحْمَرُّ.

وَكُلُّهَا أَبْنِيَةٌ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الزَّوَرِ بِالتَّحْرِيكِ، وَهُوَ الْمَيْلُ عَنِ الْمَكَانِ، قَالَ عَنْتَرَةُ:

فَازْوَرَّ مِنْ وَقْعِ الْقَنَا بِلَبَانِهِ أَيْ مَالَ بَعْضُ بَدَنِهِ إِلَى بَعْضٍ وَانْقَبَضَ.

وَالْإِتْيَانُ بِفِعْلِ الْمُضَارَعَةِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَكَرُّرِ ذَلِكَ كُلَّ يَوْمٍ.

وتَقْرِضُهُمْ أَيْ تَنْصَرِفُ عَنْهُمْ. وَأَصْلُ الْقَرْضِ الْقَطْعُ، أَيْ أَنَّهَا لَا تَطَّلِعُ فِي كَهْفِهِمْ.