وَ (ذاتَ الْيَمِينِ) وَ (ذاتَ الشِّمالِ) بِمَعْنَى صَاحِبَةٍ، وَهِيَ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ، أَيِ الْجِهَةَ صَاحِبَةَ الْيَمِينِ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذاتَ عِنْدِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ [١] .
وَالتَّعْرِيفُ فِي الْيَمِينِ، والشِّمالِ عِوَضٌ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، أَيْ يَمِينِ الْكَهْفِ وَشِمَالِهِ، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَمَ الْكَهْفِ كَانَ مَفْتُوحًا إِلَى الشِّمَالِ الشَّرْقِيِّ، فَالشَّمْسُ إِذَا طَلَعَتْ تَطْلُعُ عَلَى جَانِبِ الْكَهْفِ وَلَا تَخْتَرِقُهُ أَشِعَّتُهَا، وَإِذَا غَرَبَتْ كَانَتْ أَشِعَّتُهَا أَبْعَدَ عَنْ فَمِ الْكَهْفِ مِنْهَا حِينَ طُلُوعِهَا.
وَهَذَا وَضْعٌ عَجِيبٌ يَسَّرَهُ اللَّهُ لَهُمْ بِحِكْمَتِهِ لِيَكُونَ دَاخِلَ الْكَهْفِ بِحَالَةِ اعْتِدَالٍ فَلَا يَنْتَابُ الْبِلَى أَجْسَادَهُمْ، وَذَلِكَ مِنْ آيَاتِ قُدْرَةِ اللَّهِ.
وَالْفَجْوَةُ: الْمُتَّسَعُ مِنْ دَاخِلِ الْكَهْفِ، بِحَيْثُ لَمْ يَكُونُوا قَرِيبِينَ مِنْ فَمِ الْكَهْفِ. وَفِي تِلْكَ الْفَجْوَةِ عَوْنٌ عَلَى حِفْظِ هَذَا الْكَهْفِ كَمَا هُوَ.
ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: ذلِكَ إِلَى الْمَذْكُورِ مِنْ قَوْلِهِ: وَتَرَى الشَّمْسَ.
وَآيَاتُ اللَّهِ: دَلَائِلُ قُدْرَتِهِ وَعِنَايَتِهِ بِأَوْلِيَائِهِ وَمُؤَيِّدِي دِينِ الْحَقِّ.
وَالْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ فِي خِلَالِ الْقِصَّةِ لِلتَّنْوِيهِ بِأَصْحَابِهَا.
وَالْإِشَارَةُ لِلتَّعْظِيمِ.
مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ لِمَا اقْتَضَاهُ اسْمُ الْإِشَارَةِ مِنْ تَعْظِيمِ أَمْرِ الْآيَةِ وَأَصْحَابِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute