وَ (ذاتَ الْيَمِينِ) وَ (ذاتَ الشِّمالِ) أَيْ إِلَى جِهَةِ أَيْمَانِهِمْ وَشَمَائِلِهِمْ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ أَجْرَى عَلَيْهِمْ حَالَ الْأَحْيَاءِ الْأَيْقَاظِ فَجَعَلَهُمْ تَتَغَيَّرُ أَوْضَاعُهُمْ مِنْ أَيْمَانِهِمْ إِلَى شَمَائِلِهِمْ وَالْعَكْسُ، وَذَلِكَ لِحِكْمَةٍ لَعَلَّ لَهَا أَثَرًا فِي بَقَاءِ أَجْسَامِهِمْ بِحَالَةِ سَلَامَةٍ.
وَالْإِتْيَانُ بِالْمُضَارِعِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى التَّجَدُّدِ بِحَسَبِ الزَّمَنِ الْمَحْكِيِّ. وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونُوا كَذَلِكَ حِينَ نُزُولِ الْآيَةِ.
وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَقْلِيبَهُمْ لِلْيَمِينِ وَلِلشَّمَالِ كَرَامَةٌ لَهُمْ بِمَنْحِهِمْ حَالَةَ الْأَحْيَاءِ وَعِنَايَةٌ بِهِمْ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرِ التَّقْلِيبَ لِكَلْبِهِمْ بَلِ اسْتَمَرَّ فِي مَكَانِهِ بَاسِطًا ذِرَاعَيْهِ شَأْنَ جِلْسَةِ الْكَلْبِ.
وَالْوَصِيدُ: مَدْخَلُ الْكَهْفِ، شُبِّهَ بِالْبَابِ الَّذِي هُوَ الْوَصِيدُ لِأَنَّهُ يُوصَدُ وَيُغْلَقُ.
وَعَدَمُ تَقْلِيبِ الْكَلْبِ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَقْلِيبَهُمْ لَيْسَ مِنْ أَسْبَابِ سَلَامَتِهِمْ مِنَ الْبِلَى وَإِلَّا لَكَانَ كَلْبُهُمْ مِثْلَهُمْ فِيهِ بَلْ هُوَ كَرَامَةٌ لَهُمْ. وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّهُمْ لَمْ يَفْنَوْا وَأَمَّا كَلْبُهُمْ فَفَنِيَ وَصَارَ رِمَّةً مَبْسُوطَةً عِظَامُ ذِرَاعَيْهِ.
لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً الْخِطَابُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ، أَيْ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ أَيُّهَا السَّامِعُ حِينَ كَانُوا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَهُمُ اللَّهُ، إِذْ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ أَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا كَذَلِكَ زَمَنَ نُزُولِ الْآيَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute