للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالدِّينُ: الطَّاعَةُ قَالَ تَعَالَى: قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي [الزمر: ١٤] .

وَحُنَفَاءُ: جَمْعُ حَنِيفٍ، وَهُوَ لَقَبٌ لِلَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ دُونَ شَرِيكٍ قَالَ تَعَالَى:

قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [الْأَنْعَام: ١٦١] .

وَهَذَا الْوَصْفُ تَأْكِيدٌ لِمَعْنَى: مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ مَعَ التَّذْكِيرِ بِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّذِي مُلِئَتِ التَّوْرَاةُ بِتَمْجِيدِهِ وَاتِّبَاعِ هَدْيِهِ.

وَإِقَامَةُ الصَّلَاةِ مِنْ أُصُولِ شَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ كُلَّ صَبَاحٍ وَمَسَاءٍ.

وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ: مَفْرُوضٌ فِي التَّوْرَاةِ فَرْضًا مُؤَكَّدًا.

وَاسْمُ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِهِ: وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ مُتَوَجِّهٌ إِلَى مَا بَعْدَ حَرْفِ الِاسْتِثْنَاءِ فَإِنَّهُ مُقْتَرِنٌ بِاللَّامِ الْمُسَمَّاةِ (لَامَ أَنِ) الْمَصْدَرِيَّةِ فَهُوَ فِي تَأْوِيلِ مُفْرَدٍ، أَيْ إِلَّا بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَإِقَامَةِ

الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، أَيْ وَالْمَذْكُورُ دِينُ الْقَيِّمَةِ.

ودِينُ الْقَيِّمَةِ يَجُوزُ أَن تكون إِضَافَته عَلَى بَابِهَا فَتَكُونَ الْقَيِّمَةِ مُرَادًا بِهِ غير المُرَاد بدين مِمَّا هُوَ مُؤَنَّثُ اللَّفْظِ مِمَّا يُضَافُ إِلَيْهِ دِينُ أَيْ دِينُ الْأُمَّةِ الْقَيِّمَةِ أَوْ دِينُ الْكُتُبِ الْقَيِّمَةِ. وَيُرَجِّحُ هَذَا التَّقْدِيرَ أَنَّ دَلِيلَ الْمُقَدَّرِ مَوْجُودٌ فِي اللَّفْظِ قَبْلَهُ. وَهَذَا إِلْزَامٌ لَهُمْ بِأَحَقِّيَّةِ الْإِسْلَامِ وَأَنَّهُ الدِّينُ الْقَيِّمُ قَالَ تَعَالَى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ [الرّوم: ٣٠- ٣١] .

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْإِضَافَةُ صُورِيَّةً مِنْ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى الصِّفَةِ وَهِيَ كَثِيرَةُ الِاسْتِعْمَالِ، وَأَصْلُهُ الدِّينُ الْقَيِّمُ، فَأَنَّثَ الْوَصْفَ عَلَى تَأْوِيلِ دِينٍ بِمِلَّةٍ أَوْ شَرِيعَةٍ، أَوْ عَلَى أَنَّ التَّاءَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْوَصْفِ مِثْلَ تَاءِ عَلَّامَةِ وَالْمَآلُ وَاحِدٌ، وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ فَالْمُرَادُ بِدِينِ الْقَيِّمَةِ دِينُ الْإِسْلَامِ.

وَالْقَيِّمَةُ: الشَّدِيدَةُ الِاسْتِقَامَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا.

فَالْمَعْنَى: وَذَلِكَ الْمَذْكُورُ هُوَ دِينُ أَهْلِ الْحَقِّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَصَالِحِيِ الْأُمَمِ وَهُوَ عَيْنُ مَا جَاءَ بِهِ الْإِسْلَامُ قَالَ تَعَالَى فِي إِبْرَاهِيمَ: وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً [آل عمرَان: ٦٧] وَقَالَ