وَأَهْلُ الْمُدُنِ الَّذِينَ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ لِظُلْمِهِمْ كَثِيرُونَ، مِنْهُمْ مَنْ ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ مِثْلُ عَادٍ وَثَمُودٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُذْكَرْ مِثْلَ طَسْمٍ وَجَدِيسٍ وَآثَارُهُمْ بَاقِيَةٌ فِي الْيَمَامَةِ.
وَمَعْنَى خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها أَنَّهَا لَمْ يَبْقَ فِيهَا سَقْفٌ وَلَا جِدَارٌ. وَجُمْلَةُ عَلى عُرُوشِها خَبَرٌ ثَانٍ عَنْ ضَمِيرِ فَهِيَ وَالْمَعْنَى: سَاقِطَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا، أَيْ سَاقِطَةٌ جُدْرَانُهَا فَوْقَ سُقُفِهَا.
وَالْعُرُوشُ: جَمْعُ عَرْشٍ، وَهُوَ السَّقْفُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ نَظِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ
تَعَالَى: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها فِي [سُورَةِ الْبَقَرَةِ: ٢٥٩] .
وَالْمُعَطَّلَةُ: الَّتِي عُطِّلَ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ صَلَاحِهَا لِلِانْتِفَاعِ، أَيْ هِيَ نَابِعَةٌ بِالْمَاءِ وَحَوْلَهَا وَسَائِلُ السَّقْيِ وَلَكِنَّهَا لَا يُسْتَقَى مِنْهَا لِأَنَّ أَهْلَهَا هَلَكُوا. وَقَدْ وَجَدَ الْمُسْلِمُونَ فِي مَسِيرِهِمْ إِلَى تَبُوك بئارا فِي دِيَارِ ثَمُودٍ وَنَهَاهُمُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشُّرْبِ مِنْهَا إِلَّا بِئْرًا وَاحِدَةً الَّتِي شَرِبَتْ مِنْهَا نَاقَةُ صَالِحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَالْقَصْرُ: الْمَسْكَنُ الْمَبْنِيُّ بِالْحِجَارَةِ الْمَجْعُولُ طِبَاقًا.
وَالْمَشِيدُ: الْمَبْنِيُّ بِالشِّيدِ- بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الْيَاءِ- وَهُوَ الْجِصُّ: وَإِنَّمَا يُبْنَى بِهِ الْبِنَاءُ مِنَ الْحَجَرِ لِأَنَّ الْجِصَّ أَشَدُّ مِنَ التُّرَابِ فَبِشِدَّةِ مَسْكِهِ يَطُولُ بَقَاءُ الْحَجَرِ الَّذِي رُصَّ بِهِ.
وَالْقُصُورُ الْمَشِيدَةُ: وَهِيَ الْمُخَلَّفَةُ عَنِ الْقُرَى الَّتِي أَهْلَكَهَا اللَّهُ كَثِيرَةٌ مِثْلُ: قَصْرِ غُمْدَانَ فِي الْيَمَنِ، وَقُصُورِ ثَمُودٍ فِي الْحِجْرِ، وَقُصُورِ الْفَرَاعِنَةِ فِي صَعِيدِ مِصْرَ، وَفِي «تَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ» يُقَالُ: «أَنَّ هَذِهِ الْبِئْرَ وَهَذَا الْقصر بحضر موت مَعْرُوفَانِ. وَيُقَالُ: إِنَّهَا بِئْرُ الرَّسِّ وَكَانَتْ فِي عَدَنٍ وَتُسَمَّى حَضُورٍ- بِفَتْحِ الْحَاءِ-. وَكَانَ أَهْلُهَا بَقِيَّةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِصَالِحٍ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَكَانَ صَالِحٌ مَعَهُمْ، وَأَنَّهُمْ آلَ أَمْرُهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute