وَهُوَ هُنَا مُسْتَعَارٌ لِظُهُورِ الشَّيْءِ فِي مَظْهَرٍ مَحْبُوبٍ، وَهُوَ فِي الْعَاقِبَةِ مَكْرُوهٌ.
وَأُسْنِدَ فِعْلُ الْغُرُورِ إِلَى التَّقَلُّبِ لِأَنَّ التَّقَلُّبَ سَبَبُهُ، فَهُوَ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ، وَالْمَعْنَى لَا يَنْبَغِي أَنْ يَغُرَّكَ. وَنَظِيرُهُ: «لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ» . وَ (لَا) نَاهِيَةٌ لِأَنَّ نُونَ التَّوْكِيدِ لَا تَجِيءُ مَعَ النَّفْيِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: لَا يَغُرَّنَّكَ- بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ- وَهِيَ نُونُ التَّوْكِيدِ الثَّقِيلَةِ وَقَرَأَهَا رُوَيْسٌ عَنْ يَعْقُوبَ- بِنُونٍ سَاكِنَةٍ-، وَهِيَ نُونُ التَّوْكِيدِ الْخَفِيفَةِ.
وَالتَّقَلُّبُ: تَصَرُّفٌ عَلَى حَسَبِ الْمَشِيئَةِ فِي الْحُرُوبِ وَالتِّجَارَاتِ وَالْغَرْسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، قَالَ تَعَالَى: مَا يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ [غَافِر:
٤] .
والبلاد: الْأَرْضُ. وَالْمَتَاعُ: الشَّيْءُ الَّذِي يُشْتَرَى لِلتَّمَتُّعِ بِهِ.
وَجُمْلَةُ مَتاعٌ قَلِيلٌ إِلَى آخِرِهَا بَيَانٌ لِجُمْلَةِ لَا يَغُرَّنَّكَ. وَالْمَتَاعُ: الْمَنْفَعَةُ الْعَاجِلَةُ، قَالَ تَعَالَى: وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ [آل عمرَان: ١٨٥] .
وَجُمْلَةُ لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى آخِرِهَا افْتُتِحَتْ بِحَرْفِ الِاسْتِدْرَاكِ لِأَنَّ مَضْمُونَهَا ضِدُّ الْكَلَامِ الَّذِي قَبْلَهَا لِأَنَّ مَعْنَى لَا يَغُرَّنَّكَ إِلَخْ وَصْفُ مَا هُمْ فِيهِ بِأَنَّهُ مَتَاعٌ قَلِيلٌ، أَيْ غَيْرُ دَائِمٍ، وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّقِينَ لَهُمْ مَنَافِعُ دَائِمَةٌ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُور: لَكِن- بِتَخْفِيفِ النُّونِ سَاكِنَةً مُخَفَّفَةً مِنَ الثَّقِيلَةِ- وَهِيَ مُهْمَلَةٌ، وَقَرَأَهُ أَبُو جَعْفَرٍ- بِتَشْدِيدِ النُّونِ مَفْتُوحَةً- وَهِيَ عَامِلَةٌ عَمَلَ إِنَّ.
وَالنُّزُلُ- بِضَمِّ النُّونِ وَالزَّايِ وَبِضَمِّهَا مَعَ سُكُونِ الزَّايِ- مَا يُعَدُّ لِلنَّزِيلِ وَالضَّيْفِ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالْقِرَى، قَالَ تَعَالَى: وَلَكُمْ فِيها مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ
[فصلت: ٣١، ٣٢] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute