وَقَالَ تَعَالَى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً مَا سَبَقُونا إِلَيْهِ [الْأَحْقَاف: ١١] . فَلِأَجْلِ كَوْنِ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَقِيسُونَ هَذَا الْقِيَاسَ الْفَاسِدَ وَيُغَالِطُونَ بِهِ جُعِلَ قَوْلُهُمْ بِهِ مُعَلَّقًا بِزَمَانِ تِلَاوَةِ آيَاتِ الْقُرْآنِ عَلَيْهِمْ. فَالْمُرَادُ بِالْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ: آيَاتُ الْقُرْآنِ، وَمَعْنَى كَوْنِهَا بَيِّنَاتٍ: أَنَّهَا وَاضِحَاتُ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ وَمُفْعَمَةٌ بِالْأَدِلَّةِ الْمُقْنِعَةِ.
وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَجُوزُ كَوْنُهَا لِلتَّعْلِيلِ، أَيْ قَالُوا لِأَجْلِ الَّذِينَ آمَنُوا، أَيْ مِنْ أَجْلِ شَأْنِهِمْ، فَيَكُونُ هَذَا قَوْلُ الْمُشْرِكِينَ فِيمَا بَيْنَهُمْ. وَيَجُوزُ كَوْنُهَا مُتَعَلِّقَةً بِفِعْلِ قالَ لِتَعْدِيَتِهِ إِلَى مُتَعَلِّقَهِ، فَيَكُونُ قَوْلُهمْ خِطَابًا مِنْهُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ.
وَالِاسْتِفْهَامُ فِي قَوْلِهِمْ أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ تَقْرِيرِيٌّ.
وَقَرَأَ مَنْ عَدَا ابْنِ كَثِيرٍ مَقاماً- بِفَتْحِ الْمِيمِ- عَلَى أَنَّهُ اسْمُ مَكَانٍ مِنْ قَامَ، أُطْلِقَ مَجَازًا عَلَى الْحَظِّ وَالرِّفْعَةِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ [الرَّحْمَن:
٤٦] ، فَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْقِيَامِ الْمُسْتَعْمَلِ مَجَازًا فِي الظُّهُورِ وَالْمَقْدِرَةِ.
وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ- بِضَمِّ الْمِيمِ- مِنْ أَقَامَ بِالْمَكَانِ، وَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْكَوْنِ فِي الدُّنْيَا.
وَالْمَعْنَى: خَيْرٌ حَيَاةً.
وَجُمْلَةُ وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ خِطَابٌ مِنَ اللَّهِ لِرَسُولِهِ. وَقَدْ أَهْلَكَ اللَّهُ أَهْلَ قُرُونٍ كَثِيرَةٍ كَانُوا أَرْفَهَ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ مَتَاعًا وَأَجْمَلَ مِنْهُمْ مَنْظَرًا. فَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ حِكَايَةِ قَوْلِهِمْ وَبَيْنَ تَلْقِينِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُجِيبُهُمْ بِهِ عَنْ قَوْلِهِمْ، وَمَوْقِعُهَا التَّهْدِيدُ وَمَا بَعْدَهَا هُوَ الْجَوَابُ.
وَالْأَثَاثُ: مَتَاعُ الْبُيُوتِ الَّذِي يتزين بِهِ، ورِءْياً قَرَأَهُ الْجُمْهُورُ بِهَمْزَةٍ بَعْدَ الرَّاءِ وَبَعْدَ الْهَمْزَةِ يَاءٌ عَلَى وَزْنِ فِعْلٍ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كَذِبْحٍ، مِنَ الرُّؤْيَةِ، أَيْ أَحْسَنُ مَرْئِيًّا، أَيْ مَنْظَرًا وَهَيْئَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute