وَزِيدَ هُنَا أَنَّ ذَلِكَ خُلِقَ بِالْحَقِّ.
وَكَانَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَذْلَكَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ- إِلَى-: وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ [سُورَة الْحجر: ٢٥] ، فَعَادَ سِيَاقُ الْكَلَامِ إِلَى حَيْثُ فَارَقَ مَهْيَعَهُ. وَلِذَلِكَ تَخَلَّصَ إِلَى ذِكْرِ الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي [سُورَة الْحجر: ٨٧] النَّاظِرُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [سُورَة الْحجر: ٩] .
وَجُمْلَةُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَالِق الْعَلِيمُ فِي مَوْقِعِ التَّعْلِيلِ لِلْأَمْرِ بِالصَّفْحِ عَنْهُمْ، أَيْ لِأَنَّ فِي الصَّفْحِ عَنْهُمْ مَصْلَحَةً لَكَ وَلَهُمْ يَعْلَمُهَا رَبُّكَ، فَمَصْلَحَةُ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّفْحِ هِيَ كَمَالُ أَخْلَاقِهِ، وَمَصْلَحَتُهُمْ فِي الصَّفْحِ رَجَاءُ إِيمَانِهِمْ، فَاللَّهُ الْخَلَّاقُ لكم وَلَهُم وَلِنَفْسِك وَأَنْفُسِهِمْ، الْعَلِيمُ بِمَا يَأْتِيهِ كُلٌّ مِنْكُمْ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ [سُورَة فاطر: ٨] .
ومناسبة لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ظَاهِرَةٌ.
وَفِي وَصفه ب الْخَالِق الْعَلِيمُ إِيمَاءٌ إِلَى بِشَارَةِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ مِنْ أُولَئِكَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ يكونُونَ أَوْلِيَاء للنبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمُ الَّذِينَ آمَنُوا بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وَالَّذِينَ
وُلِدُوا،
كَقَوْلِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُهُ»
. وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَكَانَ فِي أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْمُؤْذِينَ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
دَعَانِي دَاعٍ غَيْرُ نَفْسِي وَرَدَّنِي ... إِلَى اللَّهِ مَنْ أَطْرَدْتُهُ كُلَّ مُطْرَدِ
يَعْنِي بِالدَّاعِي النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَتِلْكَ هِيَ نُكْتَةُ ذكر وصف الْخالِقُ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute