وَمِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَيَّامَ الْحُسُومِ هِيَ الْأَيَّامُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا: أَيَّامُ الْعَجُوزِ أَوِ الْعَجُزِ، وَهِيَ آخِرُ فَصْلِ الشِّتَاءِ وَيَعُدُّهَا الْعَرَبُ خَمْسَةً أَوْ سَبْعَةً لَهَا أَسْمَاءٌ مَعْرُوفَةٌ مَجْمُوعَةٌ فِي أَبْيَاتٍ تُذْكَرُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ، وَشَتَّانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حُسُومِ عَادٍ فِي الْعُدَّةِ وَالْمُدَّةِ.
وَفُرِّعَ عَلَى سَخَّرَها عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ صَارُوا صَرْعَى كُلُّهُمْ يَرَاهُمُ الرَّائِي لَوْ كَانَ حَاضِرًا تِلْكَ الْحَالَةَ.
وَالْخِطَابُ فِي قَوْلِهِ: فَتَرَى خِطَابٌ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ، أَيْ فَيَرَى الرَّائِي لَوْ كَانَ رَاءٍ، وَهَذَا أُسْلُوبٌ فِي حِكَايَةِ الْأُمُورِ الْعَظِيمَةِ الْغَائِبَةِ تُسْتَحْضَرُ فِيهِ تِلْكَ الْحَالَةُ كَأَنَّهَا حَاضِرَةً وَيُتَخَيَّلُ فِي الْمَقَامِ سَامِعٌ حَاضِرٌ شَاهَدَ مَهْلَكَهُمْ أَوْ شَاهَدَهُمْ بَعْدَهُ، وَكِلَا الْمُشَاهَدَتَيْنِ مُنْتَفٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَيُعْتَبَرُ خِطَابًا فَرْضِيًّا فَلَيْسَ هُوَ بِالْتِفَاتٍ وَلَا هُوَ مِنْ خِطَابِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ [الشورى: ٤٥] ، وَقَوْلُهُ: وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً [الْإِنْسَان: ٢٠] ، وَعَلَى دِقَّةِ هَذَا الْاسْتِعْمَالِ أَهْمَلَ الْمُفَسِّرُونَ التَّعَرُّضَ لَهُ عَدَا كَلِمَةً لِلْبَيْضَاوِيِّ.
وَالتَّعْرِيفُ فِي الْقَوْمَ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ، وَالْقَوْمُ: الْقَبِيلَةُ وَهَذَا تَصْوِيرٌ لِهَلَاكِ جَمِيعِ الْقَبِيلَةِ.
وَضَمِيرُ فِيها عَائِدٌ إِلَى اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ.
وصَرْعى: جَمْعُ صَرِيعٍ وَهُوَ الْمُلْقَى عَلَى الْأَرْضِ مَيِّتًا.
وَشُبِّهُوا بِأَعْجَازِ نَخْلٍ، أَيْ أُصُولِ النَّخْلِ، وَعَجُزُ النَّخْلَةِ: هُوَ السَّاقُ الَّتِي تَتَّصِلُ بِالْأَرْضِ مِنَ النَّخْلَةِ وَهُوَ أَغْلَظُ النَّخْلَةِ وَأَشَدُّهَا.
وَوَجْهُ التَّشْبِيهِ بِهَا أَنَّ الَّذِينَ يَقْطَعُونَ النَّخْلَ إِذَا قَطَعُوهُ لِلْانْتِفَاعِ بِأَعْوَادِهِ فِي إِقَامَةِ الْبُيُوتِ لِلسَّقْفِ وَالْعِضَادَاتِ انْتَقُوا مِنْهُ أُصُولَهُ لِأَنَّهَا أَغْلَظُ وَأَمْلَأُ وَتَرَكُوهَا عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى تَيْبَسَ وَتَزُولَ رُطُوبَتُهَا ثُمَّ يَجْعَلُوهَا عَمَدًا وَأَسَاطِينَ.
وَالنَّخْلُ: اسْمُ جَمْعِ نَخْلَةٍ.
وَالْخَاوِي: الْخَالِي مِمَّا كَانَ مَالِئًا لَهُ وَحَالَّا فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute