للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٣٧)

خُذُوهُ مَقُولٌ لِقَوْلٍ مَحْذُوفٍ مَوْقِعِهِ فِي مَوْقِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ [الحاقة: ٢٥] ، وَالتَّقْدِيرُ: يُقَالُ: خُذُوهُ.

وَمَعْلُومٌ مِنَ الْمَقَامِ أَنَّ الْمَأْمُورِينَ بِأَنْ يَأْخُذُوهُ هُمُ الْمَلَائِكَةُ الْمُوَكَّلُونَ بِسَوْقِ أَهْلِ الْحِسَابِ إِلَى مَا أُعِدَّ لَهُمْ.

وَالْأَخْذُ: الْإِمْسَاكُ بِالْيَدِ.

وَغُلُّوهُ: أَمْرٌ مِنْ غَلَّهُ إِذَا وَضَعَهُ فِي الْغُلِّ وَهُوَ الْقَيْدُ الَّذِي يُجْعَلُ فِي عُنُقِ الْجَانِي أَوِ الْأَسِيرِ فَهُوَ فِعْلٌ مُشْتَقٌّ مِنِ اسْمٍ جَامِدٍ، وَلَمْ يُسْمَعْ إِلَّا ثُلَاثِيًّا وَلَعَلَّ قِيَاسَهُ أَنْ يُقَالَ: غَلَّلَهُ

بِلَامَيْنِ لِأَنَّ الْغُلَّ مُضَاعَفُ الْلَّامِ، فَحَقُّهُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ عَمَّمَ، إِذَا جُعِلَ لَهُ عِمَامَةً، وَأَزَّرَ، إِذَا أَلْبَسَهُ إِزَارًا، وَدَرَّعَ الْجَارِيَةَ، إِذَا أَلْبَسَهَا الدِّرْعَ، فَلَعَلَّهُمْ قَالُوا: غَلَّهُ تَخْفِيفًا. وَعَطَفَ بِفَاءٍ التَّعْقِيبِ لِإِفَادَةِ الْإِسْرَاعِ بِوَضْعِهِ فِي الْأَغْلَالِ عَقِبَ أَخْذِهِ.

وثُمَّ فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ لِلتَّرَاخِي الرُّتَبِيِّ لِأَنَّ مَضْمُونَ الْجُمْلَةِ الْمَعْطُوفَةِ بِهَا أَشَدُّ فِي الْعِقَابِ مِنْ أَخْذِهِ وَوَضْعِهِ فِي الْأَغْلَالِ.

وَصَلَّى: مُضَاعَفُ تَضْعِيفَ تَعْدِيَةٍ لِأَنَّ صَلِيَ النَّارِ مَعْنَاهُ أَصَابَهُ حَرْقُهَا أَوْ تَدَفَّأَ بِهَا، فَإِذَا عُدِّيَ قِيلَ: أَصْلَاهُ نَارًا، وَصَلَّاهُ نَارًا.

وثُمَّ مِنْ قَوْلِهِ: ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ لِلتَّرَاخِي الرُّتَبِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِمَضْمُونِ الْجُمْلَتَيْنِ قَبْلَهَا لِأَنَّ مَضْمُونَ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً أَعْظَمُ مِنْ مَضْمُونِ فَغُلُّوهُ.

وَمَضْمُونُ فَاسْلُكُوهُ دَلَّ عَلَى إِدْخَالِهِ الْجَحِيمَ فَكَانَ إِسْلَاكُهُ فِي تِلْكَ السِّلْسِلَةِ أَعْظَمَ مِنْ مُطْلَقِ إِسْلَاكِهِ الْجَحِيم.

وَمعنى فَاسْلُكُوهُ: اجْعَلُوهُ سَالِكًا، أَيْ دَاخِلًا فِي السِّلْسِلَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ تُلَفَّ عَلَيْهِ السِّلْسِلَةُ فَيَكُونُ فِي وَسَطِهَا، وَيُقَالُ: سَلَكَهُ، إِذَا أَدْخَلَهُ فِي شَيْءٍ، أَيِ اجْعَلُوهُ فِي الْجَحِيمِ مُكَبَّلًا فِي أَغْلَالِهِ.