للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ كُلُّ خَلِيل كنت ءآمله ... لَا أُلْهِيَنَّكَ إِنِّي عَنْكَ مَشْغُولُ

وَالْحَمِيمُ: الْخَلِيلُ الصَّدِيقُ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ بِفَتْح يَاء يَسْئَلُ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ. وَقَرَأَهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَالْبَزِّيُّ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ بِضَمِّ الْيَاءِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ. فَالْمَعْنَى: لَا يُسْأَلُ حَمِيمٌ عَنْ حَمِيمٍ بِحَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ.

وَمَوْقِعُ يُبَصَّرُونَهُمْ الْاسْتِئْنَافُ الْبَيَانِيُّ لِدَفْعِ احْتِمَالِ أَنْ يَقَعَ فِي نَفْسِ السَّامِعِ أَنَّ الْأَحِمَّاءَ لَا يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا يَوْمَئِذٍ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ فِي شَاغِلٍ، فَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ يُكْشَفُ لَهُمْ عَنْهُمْ لِيَرَوْا مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ فَيَزْدَادُوا عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ.

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةُ يُبَصَّرُونَهُمْ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، أَيْ لَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا فِي حَالِ أَنَّ كُلَّ حَمِيمٍ يُبْصِرُ حَمِيمَهُ يُقَالُ لَهُ: انْظُرْ مَاذَا يُقَاسِي فُلَانٌ. ويُبَصَّرُونَهُمْ مُضَارِعٌ بَصَّرَهُ بِالْأَمْرِ إِذَا جَعَلَهُ مُبْصِرًا لَهُ، أَيْ نَاظِرًا فَأَصْلُهُ: يُبَصَّرُونَ بِهِمْ فَوَقَعَ فِيهِ حَذْفُ الْجَارِ وَتَعْدِيَةُ الْفِعْلِ.

وَالضَّمِيرَانِ رَاجِعَانِ إِلَى حَمِيمٌ الْمَرْفُوعِ وَإِلَى حَمِيماً الْمَنْصُوبِ، أَيْ يُبْصِرُ كُلُّ حَمِيمٍ حَمِيمَهُ فَجُمِعَ الضَّمِيرَانِ نَظَرًا إِلَى عُمُومِ حَمِيمٌ وحَمِيماً فِي سِيَاقِ النَّفْيِ.

ويَوَدُّ: يُحِبُّ، أَيْ يَتَمَنَّى، وَذَلِكَ إِمَّا بِخَاطِرٍ يَخْطُرُ فِي نَفْسِهِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْعَذَابِ.

وَإِمَّا بِكَلَامٍ يَصْدُرُ مِنْهُ نَظِيرَ قَوْلِهِ: يَقُولُ الْكافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً

[النبأ: ٤٠] ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، أَيْ يَصْرُخُ الْكَافِرُ يَوْمَئِذٍ فَيَقُولُ: أَفْتَدِي مِنَ الْعَذَابِ بِبَنِيِّ وَصَاحِبَتِي وَفَصِيلَتِي فَيَكُونُ

ذَلِكَ فَضِيحَةً لَهُ يَوْمَئِذٍ بَيْنَ أَهْلِهِ.

والْمُجْرِمُ: الَّذِي أَتَى الْجُرْمَ، وَهُوَ الذَّنْبُ الْعَظِيمُ، أَيِ الْكُفْرُ لِأَنَّ النَّاسَ فِي صَدْرِ الْبَعْثَةِ صِنْفَانِ كَافِرٌ وَمُؤْمِنٌ مُطِيعٌ.

ويَوْمِئِذٍ هُوَ يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ فَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ: يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ مُتَعَلِّقًا بِ يَوَدُّ فَقَوْلُهُ: يَوْمِئِذٍ تَأْكِيدٌ لِ يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ، وَإِنْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ [المعارج: ٤] فَقَوْلُهُ: يَوْمِئِذٍ إِفَادَةٌ لِكَوْنِ ذَلِكَ الْيَوْمِ هُوَ يَوْمُ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنَ الْعَذَابِ بِمَنْ ذُكِرَ بَعْدَهُ.