للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَرَادَ إِبْطَالَ أَنْ يَكُونَ مَلَّهَا بِحُجَّةِ أَنَّهَا خُلِقَتْ حَبِيبَةً لَهُ كَمَا خُلِقَ مَحْبُوبُهَا، أَيْ أَنَّ مَحَبَّتَهُ إِيَّاهَا لَا تَنْفَكُّ عَنْهُ.

وَالْهَلَعُ: صِفَةٌ غَيْرُ مَحْمُودَةٍ، فَوَصْفُ الْإِنْسَانِ هُنَا بِهَا لَوْمٌ عَلَيْهِ فِي تَقْصِيرِهِ عَنِ التَّخَلُّقِ بِدَفْعِ آثَارِهَا، وَلِذَلِكَ ذُيِّلَ بِهِ قَوْلُهُ: وَجَمَعَ فَأَوْعى [المعارج: ١٨] عَلَى كِلَا مَعْنَيَيْهِ.

وَانْتَصَبَ جَزُوعاً عَلَى الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي هَلُوعاً، أَوْ عَلَى الْبَدَلِ بَدَلِ اشْتِمَالٍ لِأَنَّ حَالَ الْهَلَعِ يَشْتَمِلُ عَلَى الْجَزَعِ عِنْدَ مَسِّ الشَّرِّ.

وَقَوْلُهُ: مَنُوعاً عَطْفٌ عَلَى جَزُوعاً، أَيْ خُلِقَ هَلُوعًا فِي حَالِ كَوْنِهِ جَزُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ، وَمَنُوعًا إِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ.

والشَّرُّ: الْأَذَى مِثْلُ الْمَرَضِ وَالْفَقْرِ.

والْخَيْرُ: مَا يَنْفَعُ الْإِنْسَانَ وَيُلَائِمُ رَغَبَاتِهِ مِثْلَ الصِّحَّةِ وَالْغِنَى.

وَالْجَزُوعُ: الشَّدِيدُ الْجَزَعِ، وَالْجَزَعُ: ضِدُّ الصَّبْرِ.

وَالْمَنُوعُ: الْكَثِيرُ الْمَنْعِ، أَيْ شَدِيدُ الْمَنْعِ لِبَذْلِ شَيْءٍ مِمَّا عِنْدَهُ مِنَ الْخَيْرِ.

وإِذا فِي الْمَوْضِعَيْنِ ظَرْفَانِ يَتَعَلَّقَانِ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْ وَصْفَيْ جَزُوعاً ومَنُوعاً.