للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قِيلَ: إِنَّهَا ثَانِيَةُ السُّوَرِ نُزُولًا وَإِنَّهَا لَمْ يَنْزِلْ قَبْلَهَا إِلَّا سُورَةُ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق:

١] وَهُوَ الَّذِي

جَاءَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» فِي صِفَةِ بَدْءِ الْوَحْيِ «أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءَ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ إِلَى مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق: ١- ٥] ثُمَّ قَالَتْ: ثُمَّ فَتَرَ الْوَحْيُ»

. فَلَمْ تَذْكُرْ نُزُولَ وَحْيٍ بَعْدَ آيَاتِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ.

وَكَذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ بن عبد الرحمان مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ وَبِأَلْفَاظٍ يَزِيدُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ. وَحَاصِلُ مَا يَجْتَمِعُ مِنْ طُرُقِهِ:

قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ

يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَة الْوَحْي فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ «إِنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ فَنُودِيتُ فَنَظَرْتُ أَمَامِي وَخَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شَمَالِي فَلَمْ أَرَ شَيْئًا فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءَ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فُجِئْتُ مِنْهُ رُعْبًا فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَقُلْتُ: دَثِّرُونِي فَدَثَّرُونِي زَادَ غَيْرُ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ رِوَايَتِهِ «وَصُبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدًا فَدَثَّرُونِي وَصَبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدًا»

. قَالَ النَّوَوِيُّ: صَبُّ الْمَاءِ لِتَسْكِينِ الْفَزَعِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ إِلَى وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ [المدثر: ١- ٥] ثُمَّ حَمِيَ الْوَحْيُ وَتَتَابَعَ اهـ.

وَوَقَعَ فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» عَنْ جَابِرٍ: أَنَّهَا أَوَّلُ الْقُرْآنِ، سُورَةُ الْمُدَّثِّرِ وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ فِي حَدِيثِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ وَإِنَّمَا تَقَعُ الْفَتْرَةُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَتَقْتَضِي وَحْيًا نَزَلَ قَبْلَ سُورَةِ الْمُدَّثِّرِ وَهُوَ مَا بُيِّنَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي صَدْرِ سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ قَوْلُ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ: أَنَّ سُورَةَ الْقَلَمِ نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ الْعَلَقِ وَأَنَّ سُورَةَ الْمُزَّمِّلِ ثَالِثَةٌ وَأَنَّ سُورَة المدثر أَرْبَعَة.

وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: نَزَلَتْ بَعْدَ الْمُدَّثِّرِ سُورَةُ الْفَاتِحَةِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ سُورَةَ الْمُدَّثِّرِ نَزَلَتْ قَبْلَ الْمُزَّمِّلِ وَأَنَّ عِنَادَ الْمُشْرِكِينَ كَانَ قَدْ تَزَايَدَ بَعْدَ نُزُولِ سُورَةِ الْمُدَّثِّرِ فَكَانَ التَّعَرُّضُ لَهُمْ فِي سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ أَوْسَعَ.

وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي «صَحِيح البُخَارِيّ» و «جَامع التِّرْمِذِيِّ» مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ نُزُولَ هَذِهِ السُّورَةِ كَانَ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاةُ.

وَالصَّلَاةُ فُرِضَتْ بَعْدَ فَتْرَةِ الْوَحْيِ سَوَاء كَانَت خمْسا أَوْ أَقَلَّ وَسَوَاءٌ كَانَتْ وَاجِبَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ: فُرِضَتْ، أَمْ كَانَتْ مَفْرُوضَةً بِمَعْنَى مَشْرُوعَةٍ وَفَتْرَةُ الْوَحْيِ