للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يَقْرَأُ النَّظَائِرَ السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ الرَّحْمَانَ وَالنَّجْمَ فِي رَكْعَةٍ، وَاقْتَرَبَتْ وَالْحَاقَّةَ فِي رَكْعَةٍ» ثُمَّ قَالَ:

«وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَالْمُرْسَلَاتِ فِي رَكْعَةٍ»

فَجَعَلَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ السُّورَتَيْنِ وَسَمَّاهَا الْمُرْسَلَاتِ بِدُونِ وَاوِ الْقَسَمِ لِأَنَّ الْوَاوَ الَّتِي فِي كَلَامِهِ وَاوُ الْعَطْفِ مِثْلَ أَخَوَاتِهَا فِي كَلَامِهِ.

وَاشْتُهِرَتْ فِي الْمَصَاحِفِ بِاسْمِ «الْمُرْسَلَاتِ» وَكَذَلِكَ فِي التَّفَاسِيرِ وَفِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» .

وَذَكَرَ الْخَفَاجِيُّ وَسَعْدُ اللَّهِ الشَّهِيرُ بِسَعْدِي فِي «حَاشِيَتَيْهِمَا» عَلَى الْبَيْضَاوِيِّ أَنَّهَا تُسَمَّى «سُورَةَ الْعُرْفِ» وَلَمْ يُسْنِدَاهُ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا صَاحِبُ «الْإِتْقَانِ» فِي عِدَادِ السُّورِ ذَاتِ أَكْثَرَ مِنِ اسْمٍ.

وَفِي «الْإِتْقَانِ» عَنْ «كِتَابِ ابْنِ الضَّرِيسِ» عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي عَدِّ السُّوَرِ الَّتِي نَزَلَتْ بِمَكَّةَ فَذَكَرَهَا بِاسْمِ الْمُرْسَلَاتِ. وَفِيهِ عَنْ «دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ» لِلْبَيْهَقِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ فِي عَدِّ السُّوَرِ الَّتِي نَزَلَتْ بِمَكَّةَ فَذَكَرَهَا بَاسِمِ الْمُرْسَلَاتِ.

وَهِيَ مَكِّيَّةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ مِنَ السَّلَفِ، وَذَلِكَ ظَاهِرُ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الْمَذْكُورِ آنِفًا، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهَا مَنْ أَوَائِلِ سُوَرِ الْقُرْآنِ نُزُولًا لِأَنَّهَا نَزَلَتْ وَالنَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخْتَفٍ فِي غَارٍ بِمِنًى مَعَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ: أَنَّ آيَةَ وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ [المرسلات: ٤٨] مَدَنِيَّةٌ نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ، وَمَحْمَلُ ذَلِكَ أَنَّهُ تَأْوِيلٌ مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ نَظَرًا إِلَى أَنْ الْكُفَّارَ الصُّرَحَاءَ لَا يُؤْمَرُونَ بِالصَّلَاةِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ حُجَّةٌ لِكَوْنِ الْآيَةِ مَدَنِيَّةً فَإِنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ:

وَإِذا قِيلَ لَهُمُ [المرسلات: ٤٨] وَارِدٌ عَلَى طَرِيقَةِ الضَّمَائِرِ قَبْلَهُ وَكُلُّهَا عَائِدَةٌ إِلَى الْكُفَّارِ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ. وَمَعْنَى قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا: كِنَايَةٌ عَنْ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ: أَسْلِمُوا. وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ [الْقَلَم: ٤٣] فَهِيَ فِي الْمُشْرِكِينَ وَقَوْلُهُ: قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ إِلَى قَوْلِهِ: وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ [المدثر: ٤٣- ٤٦] .

وَعَنْ مُقَاتِلٍ نَزَلَتْ وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ فِي شَأْنِ وَفْدِ ثَقِيفٍ حِينَ أَسْلَمُوا بَعْدَ غَزْوَةِ هَوَازِنَ وَأَتَوُا الْمَدِينَةَ فَأَمَرَهُمُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّلَاةِ فَقَالُوا: لَا نُجَبِّي فَإِنَّهَا مِسَبَّةٌ عَلَيْنَا. فَقَالَ لَهُمْ: لَا خَيْرَ فِي دِينٍ لَيْسَ فِيهِ رُكُوعٌ وَسُجُودٌ.