وَ (ضاحِكَةٌ) أَيْ كِنَايَةٌ عَنِ السُّرُورِ.
وَ (مُسْتَبْشِرَةٌ) مَعْنَاهُ فَرِحَةٌ، وَالسِّينُ وَالتَّاءُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ مِثْلَ: اسْتَجَابَ، وَيُقَالُ: بَشَرَ،
أَيْ فَرِحَ وَسُرَّ، قَالَ تَعَالَى: قالَ يَا بُشْرى هَذَا غُلامٌ [يُوسُف: ١٩] أَيْ يَا فَرْحَتِي.
وَإِسْنَادُ الضَّحِكِ وَالِاسْتِبْشَارِ إِلَى الْوُجُوهِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ لِأَنَّ الْوُجُوهَ مَحَلُّ ظُهُورِ الضَّحِكِ وَالِاسْتِبْشَارِ، فَهُوَ مِنْ إِسْنَادِ الْفِعْلِ إِلَى مَكَانِهِ، وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْوُجُوهَ كِنَايَةً عَنِ الذَّوَاتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ [الرَّحْمَن: ٢٧] .
وَهَذِهِ وُجُوهُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْمُطْمَئِنِّينَ بَالًا الْمُكْرَمِينَ عَرْضًا وَحُضُورًا.
وَالْغَبَرَةُ بِفَتْحَتَيْنِ الْغُبَارُ كُلُّهُ، وَالْمُرَادُ هُنَا أَنَّهَا مُعَفَّرَةٌ بِالْغُبَارِ إِهَانَةً وَمِنْ أَثَرِ الْكَبَوَاتِ.
وتَرْهَقُها تَغْلِبُ عَلَيْهَا وَتَعْلُوهَا.
وَالْقَتَرَةُ: بِفَتْحَتَيْنِ شِبْهُ دُخَانٍ يَغْشَى الْوَجْهَ مِنَ الْكَرْبِ وَالْغَمِّ، كَذَا قَالَ الرَّاغِبُ، وَهُوَ غَيْرُ الْغَبَرَةِ كَمَا تَقْتَضِيهِ الْآيَةُ لِئَلَّا يَكُونَ مِنَ الْإِعَادَةِ، وَهِيَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَلَا دَاعِيَ إِلَيْهَا.
وَسَوَّى بَيْنَهُمَا الْجَوْهَرِيُّ وَتَبِعَهُ ابْنُ مَنْظُورٍ وَصَاحِبُ «الْقَامُوسِ» .
وَهَذِهِ وُجُوهُ أَهْلِ الْكُفْرِ، يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ سِيَاقِ هَذَا التَّنْوِيعِ، وَقَدْ صُرِّحَ بِذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ زِيَادَةً فِي تَشْهِيرِ حَالِهِمُ الْفَظِيعِ لِلسَّامِعِينَ.
وَجِيءَ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ تَشْهِيرًا بِالْحَالَةِ الَّتِي سَبَّبَتْ لَهُمْ ذَلِكَ.
وَضَمِيرُ الْفَصْلِ هُنَا لِإِفَادَةِ التَّقْوَى.
وَأُتْبِعَ وَصْفُ الْكَفَرَةُ بِوَصْفِ الْفَجَرَةُ مَعَ أَنَّ وَصْفَ الْكُفْرِ أَعْظَمُ مِنْ وَصْفِ الْفُجُورِ لِمَا فِي مَعْنَى الْفُجُورِ مِنْ خَسَاسَةِ الْعَمَلِ فَذُكِرَ وصفاهم الدالان على مَجْمُوعِ فَسَادِ الِاعْتِقَادِ وَفَسَادِ الْعَمَلِ.
وَذِكْرُ وَصْفِ الْفَجَرَةُ بِدُونِ عَاطِفٍ يُفِيدُ أَنَّهُمْ جَمَعُوا بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْفُجُورِ.