وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: «قُتِلَتْ» بِتَخْفِيفِ الْمُثَنَّاةِ الْأُولَى، وَقَرَأَهُ أَبُو جَعْفَرٍ بِتَشْدِيدِهَا وَهِيَ تُفِيدُ مَعْنَى أَنَّهُ قَتْلٌ شَدِيدٌ فَظِيعٌ.
وَنَشْرُ الصُّحُفِ حَقِيقَتُهُ: فَتْحُ طَيَّاتِ الصَّحِيفَةِ، أَوْ إِطْلَاقُ الْتِفَافِهَا لِتُقْرَأَ كِتَابَتُهَا، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً فِي سُورَةِ الْمُدَّثِّرِ [٥٢] ، وَعِنْدَ قَوْلِهِ: كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ [١٣] .
وَالْمُرَادُ: صُحُفُ الْأَعْمَالِ، وَهِيَ إِمَّا صُحُفٌ حَقِيقِيَّةٌ مُخَالِفَةٌ لِلصُّحُفِ الْمَأْلُوفَةِ، وَإِمَّا مَجَازِيَّةٌ أُطْلِقَتْ عَلَى أَشْيَاءَ فِيهَا إِحْصَاءُ أَعْمَالِ النَّاسِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ.
وَقَرَأَ نَافِعٌ وَعَاصِمٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَيَعْقُوبُ: نُشِرَتْ بِتَخْفِيفِ الشِّينِ. وَقَرَأَهُ الْجُمْهُورُ بِتَشْدِيدِ الشِّينِ لِلتَّكْثِيرِ لِكَثْرَةِ الصُّحُفِ الْمَنْشُورَةِ.
وَالْكَشْطُ: إِزَالَةُ الْإِهَابِ عَنِ الْحَيَوَانِ الْمَيِّتِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ السَّلْخِ لِأَنَّ السَّلْخَ لَا يُقَالُ إِلَّا فِي إِزَالَةِ إِهَابِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ دُونَ إِزَالَةِ إِهَابِ الْإِبِلِ فَإِنَّهُ كَشْطٌ وَلَا يُقَالُ: سَلْخٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ إِزَالَةٌ تَقَعُ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ لِأَنَّهَا ذُكِرَتْ فِي أَثْنَاءِ أَحْدَاثِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ:
وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ وَقَوْلِهِ: وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ فَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّمَاءَ تَبْقَى مُنْشَقَّةً مُنْفَطِرَةً تعرج الْمَلَائِكَة بَينهمَا وَبَيْنَ أَرْضِ الْمَحْشَرِ حَتَّى يَتِمَّ الْحِسَابُ فَإِذَا قُضِيَ الْحِسَابُ أُزِيلَتِ السَّمَاءُ مِنْ مَكَانِهَا فَالسَّمَاءُ مَكْشُوطَةٌ وَالْمَكْشُوطُ عَنْهُ هُوَ عَالَمُ الْخُلُودِ، وَيَكُونُ كُشِطَتْ اسْتِعَارَةً لِلْإِزَالَةِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنَ الْأَحْدَاثِ الَّتِي جُعِلَتْ أَشْرَاطًا لِلسَّاعَةِ وَأُخِّرَ ذِكْرُهُ لِمُنَاسَبَةِ ذِكْرِ نَشْرِ الصُّحُفِ لِأَنَّ الصُّحُفَ تَنْشُرُهَا الْمَلَائِكَةُ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ فَيَكُونُ هَذَا الْكَشْطُ مِنْ قَبِيلِ الِانْشِقَاقِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ [الانشقاق: ١] وَالِانْفِطَارِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ إِلَى قَوْلِهِ: عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ [الانفطار: ١- ٥] فَيَكُونُ الْكَشْطُ لِبَعْضِ أَجْزَاءِ السَّمَاءِ وَالْمَكْشُوطُ عَنْهُ بَعْضٍ آخَرَ، فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ [الْأَعْرَاف: ٤٠] وَمِنْ قَبِيلِ الطَّيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما
بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ
[الْأَنْبِيَاء: ١٠٤] لِأَنَّ ظَاهِرَهُ اتِّصَالُ طَيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute