للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَمْيِيزِهِمْ وَتَشْهِيرِ ذِكْرِهِمْ فِي مَقَامِ الذَّمِّ، وَلِأَنَّ الْإِشَارَةَ إِلَيْهِمْ بَعْدَ وَصْفِهِمْ بِ «الْمُطَفِّفِينَ» تُؤْذِنُ بِأَنَّ الْوَصْفَ مَلْحُوظٌ فِي الْإِشَارَةِ فَيُؤْذِنُ ذَلِكَ بِتَعْلِيلِ الْإِنْكَارِ.

وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لِيَوْمٍ عَظِيمٍ لَامُ التَّوْقِيتِ مِثْلُ أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ [الْإِسْرَاء: ٧٨] .

وَفَائِدَةُ لَامِ التَّوْقِيتِ إِدْمَاجُ الرَّدِّ عَلَى شُبْهَتِهِمُ الْحَامِلَةِ لَهُمْ عَلَى إِنْكَارِ الْبَعْثِ بِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْثٌ لَبُعِثَتْ أَمْوَاتُ الْقُرُونِ الْغَابِرَةِ، فَأَوْمَأَ قَوْلُهُ لِيَوْمٍ أَنَّ لِلْبَعْثِ وَقْتًا مُعَيَّنًا يَقَعُ عِنْدَهُ لَا قَبْلَهُ.

وَوَصْفُ يَوْمٍ بِ عَظِيمٍ بِاعْتِبَارِ عَظَمَةِ مَا يَقَعُ فِيهِ مِنَ الْأَهْوَالِ، فَهُوَ وَصْفٌ مَجَازِيٌّ عَقْلِيٌّ.

ويَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ بَدَلٌ مِنْ «يَوْمٍ عَظِيمٍ» بَدَلًا مُطَابِقًا وَفَتْحَتُهُ فَتْحَةُ بِنَاءٍ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً فِي سُورَةِ الِانْفِطَارِ [١٩] عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ ذَلِكَ بِالْفَتْحِ.

وَمَعْنَى يَقُومُ النَّاسُ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ قِيَامًا، فَالتَّعْبِيرُ بِالْمُضَارِعِ لِاسْتِحْضَارِ الْحَالَةِ.

وَاللَّامُ فِي لِرَبِّ الْعالَمِينَ لِلْأَجْلِ، أَي لأجل ربوبيته وَتَلَقِّي حُكْمِهِ.

وَالتَّعْبِيرُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى بِوَصْفِ «رَبِّ الْعَالَمِينَ» لِاسْتِحْضَارِ عَظَمَتِهِ بِأَنَّهُ مَالِكٌ أَصْنَافَ الْمَخْلُوقَاتِ.

وَاللَّامُ فِي الْعالَمِينَ لِلِاسْتِغْرَاقِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْفَاتِحَةِ.

قَالَ فِي «الْكَشَّافِ» «وَفِي هَذَا الْإِنْكَارِ، وَالتَّعْجِيبِ، وَكَلِمَةِ الظَّنِّ، وَوَصْفِ الْيَوْمِ بِالْعَظِيمِ، وَقِيَامِ النَّاس فِيهِ الله خَاضِعِينَ، وَوَصْفِ ذَاتِهِ بِ «رَبِّ الْعَالَمِينَ» بَيَانٌ بَلِيغٌ لِعَظِيمِ الذَّنْبِ وَتَفَاقُمِ الْإِثْمِ فِي التَّطْفِيفِ وَفِيمَا كَانَ مِثْلُ حَالِهِ مِنَ الْحَيْفِ وَتَرْكِ الْقِيَامِ بِالْقِسْطِ وَالْعَمَلِ عَلَى السَّوِيَّةِ» اهـ.

وَلَمَّا كَانَ الْحَامِل لَهُم عَلَى التَّطْفِيفِ احْتِقَارُهُمْ أَهْلَ الْجَلْبِ مِنْ أَهْلِ الْبَوَادِي فَلَا