للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَا لَهْفَ زَيَّابَةَ لِلْحَارِثِ الصَّ ... ابِحِ فَالْغَانِمِ فَالْآيِبِ

لِأَنَّ التَّلَهُّفَ يَحِقُّ إِذَا صَبَّحَهُمْ فَغَنِمَ أَمْوَالَهُمْ وَآبَ بِهَا وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا دِفَاعَهُ وَلَا اسْتِرْجَاعَهُ.

فَالْفَاءُ مِنْ قَوْلِهِ: فَسَوَّى لِلتَّفْرِيعِ فِي الذِّكْرِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْخلق مقدم فِي اعْتِبَارِ الْمُعْتَبَرِ عَلَى التَّسْوِيَةِ، وَإِنْ كَانَ حُصُولُ التَّسْوِيَةِ مُقَارِنًا لِحُصُولِ الْخَلْقِ.

وَالتَّسْوِيَةُ: تَسْوِيَةُ مَا خَلَقَهُ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْعُمُومِ فَالتَّسْوِيَةُ أَنْ جَعَلَ كُلَّ جِنْسٍ وَنَوْعٍ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ مُعَادِلًا، أَيْ مُنَاسِبًا لِلْأَعْمَالِ الَّتِي فِي جِبِلَّتِهِ فَاعْوِجَاجُ زُبَانَى الْعَقْرَبِ مِنْ تَسْوِيَةِ خَلْقِهَا لِتَدْفَعَ عَن نَفسهَا بهَا بِسُهُولَةٍ.

وَلِكَوْنِهِ مُقَارِنًا لِلْخِلْقَةِ عَطَفَ عَلَى فِعْلِ خَلَقَ بِالْفَاءِ الْمُفِيدَةِ لِلتَّسَبُّبِ، أَيْ تَرَتَّبَ

عَلَى الْخَلْقِ تَسْوِيَتُهُ.

وَالتَّقْدِيرُ: وَضْعُ الْمِقْدَارِ وَإِيجَادُهُ فِي الْأَشْيَاءِ فِي ذَوَاتِهَا وَقُوَاهَا، يُقَالُ: قَدَّرَ بِالتَّضْعِيفِ وَقَدَرَ بِالتَّخْفِيفِ بِمَعْنًى.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ بِالتَّشْدِيدِ وَقَرَأَهَا الْكِسَائِيُّ وَحْدَهُ بِالتَّخْفِيفِ.

وَالْمِقْدَارُ: أَصْلُهُ كَمِّيَّةُ الشَّيْءِ الَّتِي تُضْبَطُ بِالذَّرْعِ أَوِ الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ أَوِ الْعَدِّ، وَأُطْلِقَ هُنَا عَلَى تَكْوِينِ الْمَخْلُوقَاتِ عَلَى كَيْفِيَّاتٍ مُنَظَّمَةٍ مُطَّرِدَةٍ مِنْ تَرْكِيبِ الْأَجْزَاءِ الْجَسَدِيَّةِ الظَّاهِرَةِ مِثْلَ الْيَدَيْنِ، وَالْبَاطِنَةِ مِثْلَ الْقَلْبِ، وَمِنْ إِيدَاعِ الْقُوَى الْعَقْلِيَّةِ كَالْحِسِّ وَالِاسْتِطَاعَةِ وَحِيَلِ الصِّنَاعَةِ.

وَإِعَادَةُ اسْمِ الْمَوْصُولِ فِي قَوْلِهِ: وَالَّذِي قَدَّرَ وَقَوْلِهِ: وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى مَعَ إِغْنَاءِ حَرْفِ الْعَطْفِ عَنْ تَكْرِيرِهِ، لِلِاهْتِمَامِ بِكُلِّ صِلَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّلَاتِ وَإِثْبَاتِهَا لِمَدْلُولِ الْمَوْصُولِ وَهَذَا مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْإِطْنَابِ.

وَعَطْفُ قَوْله: فَهَدى بِالْفَاءِ مِثْلُ عَطْفِ فَسَوَّى، فَإِنْ حُمِلَ خَلَقَ وقَدَّرَ عَلَى عُمُومِ الْمَفْعُولِ كَانَتِ الْهِدَايَةُ عَامَّةً. وَالْقَوْلُ فِي وَجْهِ عَطْفِ فَهَدى بِالْفَاءِ مِثْلُ الْقَوْلِ فِي عَطْفِ فَسَوَّى وَعَطْفُ فَهَدى عَلَى قَدَّرَ عَطْفُ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ أَيْ فَهَدَى كُلَّ