للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زِيَادَةً فِي التَّشْوِيقِ إِلَى تَلَقِّيهِ، وَإِيذَانًا بِجِنْسِ الْجَوَابِ مِنْ قَبْلِ ذِكْرِهِ لِيَحْصُلَ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَزِيدُ تَقَرُّرِهِ فِي الْأَذْهَانِ.

وَالرُّؤْيَةُ فِي أَلَمْ تَرَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ رُؤْيَةً عِلْمِيَّةً تَشْبِيهًا لِلْعِلْمِ الْيَقِينِيِّ بِالرُّؤْيَةِ فِي الْوُضُوحِ وَالِانْكِشَافِ لِأَنَّ أَخْبَارَ هَذِهِ الْأُمَمِ شَائِعَةٌ مَضْرُوبَةٌ بِهَا الْمُثُلُ فَكَأَنَّهَا مُشَاهَدَةٌ.

فَتَكُونُ كَيْفَ اسْتِفْهَامًا مُعَلِّقًا فِعْلَ الرُّؤْيَةِ عَنِ الْعَمَلِ فِي مَفْعُولَيْنِ.

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الرُّؤْيَةُ بَصَرِيَّةً وَالْمَعْنَى: أَلَمْ تَرَ آثَارَ مَا فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ، وَتَكُونُ كَيْفَ اسْمًا مُجَرَّدًا عَنِ الِاسْتِفْهَامِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ لِفِعْلِ الرُّؤْيَةِ الْبَصَرِيَّةِ.

وَعُدِلَ عَنِ اسْمِ الْجَلَالَةِ إِلَى التَّعْرِيفِ بِإِضَافَةِ رَبٍّ إِلَى ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِ فِي قَوْلِهِ:

فَعَلَ رَبُّكَ لِمَا فِي وَصْفِ رَبٍّ مِنَ الْإِشْعَارِ بِالْوَلَايَةِ وَالتَّأْيِيدِ وَلِمَا تُؤْذِنُ بِهِ إِضَافَتُهُ إِلَى ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِ مِنْ إِعْزَازِهِ وَتَشْرِيفِهِ.

وَقَدِ ابْتُدِئَتِ الْمَوْعِظَةُ بِذِكْرِ عَادٍ وَثَمُودَ لِشُهْرَتِهِمَا بَيْنَ الْمُخَاطَبِينَ وَذُكِرَ بَعْدَهُمَا قَوْمُ فِرْعَوْنَ لِشُهْرَةِ رِسَالَةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى فِرْعَوْنَ بَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ بِبِلَادِ الْعَرَبِ وَهُمْ يُحَدِّثُونَ الْعَرَبَ عَنْهَا.

وَأُرِيدَ بِ «عَادٍ» الْأُمَّةُ لَا مَحَالَةَ قَالَ تَعَالَى: وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ [هود:

٥٩] فَوَجْهُ صَرْفِهِ أَنَّهُ اسْمٌ ثُلَاثِيٌّ سَاكِنُ الْوَسَطِ مِثْلَ هِنْدٍ وَنُوحٍ وَإِرَمَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ اسْمُ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ وَهُوَ جَدُّ عَادٍ لِأَنَّ عَادًا هُوَ ابْنُ عُوصِ بْنِ إِرَمَ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنَ الصَّرْفِ لِلْعُجْمَةِ لِأَنَّ الْعَرَبَ الْبَائِدَةَ يُعْتَبَرُونَ خَارِجِينَ عَنْ أَسْمَاءِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ، فَهُوَ عَطْفُ بَيَانٍ لِ «عَادٍ» لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِ «عَادٍ» الْقَبِيلَةُ الَّتِي جَدُّهَا الْأَدْنَى هُوَ عَادُ بْنُ عُوصِ بن إرم، وهم عَادٌ الْمَوْصُوفَةُ بِ الْأُولى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى [النَّجْم: ٥٠] لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُتَحَدَّثَ عَنْهُمْ قَبِيلَةٌ أُخْرَى تُسَمَّى عَادًا أَيْضًا. كَانَتْ تَنْزِلُ مَكَّةَ مَعَ الْعَمَالِيقِ يُقَالُ: إِنَّهُمْ بَقِيَّةٌ مِنْ عَاد الأولى فَعَاد وَإِرَمَ اسْمَانِ لِقَبِيلَةِ عَادٍ الْأُولَى.

وَوُصِفَتْ عَادٌ بِ ذاتِ الْعِمادِ، وذاتِ وَصْفٌ مُؤَنَّثٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِعَادٍ الْقَبِيلَةُ.