وَالْفَكُّ: أَخْذُ الشَّيْءِ مِنْ يَدِ مَنِ احْتَازَ بِهِ.
وَالرَّقَبَةُ مُرَادٌ بِهَا الْإِنْسَانُ، مِنْ إِطْلَاقِ اسْمِ الْجُزْءِ عَلَى كُلِّهِ مِثْلَ إِطْلَاقِ رَأْسٍ وَعَيْنٍ وَوَجْهٍ، وَإِيثَارُ لِفَظِ الرَّقَبَةِ هُنَا لِأَنَّ الْمُرَادَ ذَاتُ الْأَسِيرِ أَوِ الْعَبْدِ وَأَوَّلُ مَا يَخْطُرُ بِذِهْنِ النَّاظِرِ لِوَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ. هُوَ رَقَبَتُهُ لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ يُوثَقُ مِنْ رَقَبَتِهِ.
وَأُطْلِقَ الْفَكُّ عَلَى تَخْلِيصِ الْمَأْخُوذِ فِي أَسْرٍ أَوْ مِلْكٍ، لِمُشَابَهَةِ تَخْلِيصِ الْأَمْرِ الْعَسِيرِ بِالنَّزْعِ مِنْ يَدِ الْقَابِضِ الْمُمْتَنِعِ.
وَهَذِهِ الْآيَةُ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ التَّشْرِيعِ الْإِسْلَامِيِّ وَهُوَ تَشَوُّفُ الشَّارِعِ إِلَى الْحُرِّيَّةِ وَقَدْ بَسَطْنَا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ «أُصُولِ النِّظَامِ الِاجْتِمَاعِيِّ فِي الْإِسْلَامِ» .
وَالْمَسْغَبَةُ: الْجُوعُ وَهِيَ مَصْدَرٌ عَلَى وَزْنِ الْمَفْعَلَةِ مِثْلَ الْمَحْمَدَةِ وَالْمَرْحَمَةِ مِنْ سَغِبَ كَفَرِحَ سَغَبًا إِذَا جَاعَ.
وَالْمُرَادُ بِ يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ زَمَانٌ لَا النَّهَارُ الْمَعْرُوفُ.
وَإِضَافَةُ ذِي إِلَى مَسْغَبَةٍ تُفِيدُ اخْتِصَاصَ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِالْمَسْغَبَةِ، أَيْ يَوْمُ مَجَاعَةٍ، وَذَلِكَ زَمَنُ الْبَرْدِ وَزَمَنُ الْقَحْطِ.
وَوَجْهُ تَخْصِيصِ الْيَوْمِ ذِي الْمَسْغَبَةِ بِالْإِطْعَامِ فِيهِ أَنَّ النَّاسَ فِي زَمَنِ الْمَجَاعَةِ يَشْتَدُّ شُحُّهُمْ بِالْمَالِ خَشْيَةَ امْتِدَادِ زَمَنِ الْمَجَاعَةِ وَالِاحْتِيَاجِ إِلَى الْأَقْوَاتِ. فَالْإِطْعَامُ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ أَفْضَلُ، وَهُوَ الْعَقَبَةُ وَدُونَ الْعَقَبَةِ مَصَاعِدُ مُتَفَاوِتَةٌ.
وَانْتَصَبَ يَتِيماً عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ لِ إِطْعامٌ الَّذِي هُوَ مَصْدَرٌ عَامِلٌ عَمَلَ فِعْلِهِ وَإِعْمَالُ الْمَصْدَرِ غَيْرِ الْمُضَافِ وَلَا الْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ أَقْيَسُ وَإِنْ كَانَ إِعْمَالُ الْمُضَافِ أَكْثَرَ،
وَمَنَعَ الْكُوفِيُّونَ إِعْمَالَ الْمَصْدَرِ غَيْرِ الْمُضَافِ. وَمَا وَرَدَ بَعْدَهُ مَرْفُوعٌ أَوْ مَنْصُوبٌ حَمَلُوهُ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ مِنْ لَفْظِ الْمَصْدَرِ، فَيُقَدَّرُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْآيَةِ عِنْدَهُمْ «يُطْعِمُ يَتِيمًا» .
وَالْيَتِيمُ: الشَّخْصُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ أَبٌ، وَهُوَ دُونُ الْبُلُوغِ. وَوَجْهُ تَخْصِيصِهِ بِالْإِطْعَامِ أَنَّهُ مَظِنَّةُ قِلَّةِ الشِّبَعِ لِصِغَرِ سِنِّهِ وَضَعْفِ عَمَلِهِ وَفَقْدِ مَنْ يَعُولُهُ وَلِحَيَائِهِ مِنَ التَّعَرُّضِ لِطَلَبِ مَا يَحْتَاجُهُ. فَلِذَلِكَ رُغِّبَ فِي إِطْعَامِهِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ حَدَّ الْمَسْكَنَةِ