للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَصْبَحَ يَقُولُ: لَقَدْ رَزَقَنِي اللَّهُ الْبَارِحَةَ كَذَا، قَرَأْتُ كَذَا، صَلَّيْتُ كَذَا، ذَكَرْتُ اللَّهَ كَذَا، فَقُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا فِرَاسٍ إِنَّ مِثْلَكَ لَا يَقُولُ هَذَا، قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ وَتَقُولُونَ أَنْتُمْ: لَا تُحَدِّثْ بِنِعْمَةِ اللَّهِ. وَذَكَرَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ فَقَالَ: لَقَدْ رَزَقَ اللَّهُ الْبَارِحَةَ: صَلَّيْتُ كَذَا، وَسَبَّحْتُ كَذَا، قَالَ أَيُّوبُ: فَاحْتَمَلْتُ ذَلِكَ لِأَبِي رَجَاءٍ.

وَعَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّ التَّحَدُّثَ بِالنِّعْمَةِ تَكُونُ لِلثِّقَةِ مِنَ الْإِخْوَانِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ قَالَ ابْنُ

الْعَرَبِيِّ: إِنَّ التَّحَدُّثَ بِالْعَمَلِ يَكُونُ بِإِخْلَاصٍ مِنَ النِّيَّةِ عِنْدَ أَهْلِ الثِّقَةِ فَإِنَّهُ رُبَّمَا خَرَجَ إِلَى الرِّيَاءِ وَإِسَاءَةِ الظَّنِّ بِصَاحِبِهِ.

وَذَكَرَ الْفَخْرُ وَالْقُرْطُبِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: إِذَا أَصَبْتَ خَيْرًا أَوْ عَمِلْتَ خَيْرًا فَحَدِّثْ بِهِ الثِّقَةَ مِنْ إِخْوَانِكَ

. قَالَ الْفَخْرُ: إِلَّا أَنَّ هَذَا إِنَّمَا يَحْسُنُ إِذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ رِيَاءً وَظَنَّ أَنَّ غَيْرَهُ يَقْتَدِي بِهِ.