للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِطْلَاقُ النَّادِي عَلَى أَهْلِهِ نَظِيرُ إِطْلَاقِ الْقَرْيَةِ عَلَى أَهْلِهَا فِي قَوْله تَعَالَى: وَسْئَلِ

الْقَرْيَةَ

[يُوسُف: ٨٢] وَنَظِيرُ إِطْلَاقِ الْمَجْلِسِ عَلَى أَهْلِهِ فِي قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ:

لَهُمْ مَجْلِسٌ صُهْبُ السّبال أَذِلَّة ... سواسة أَحْرَارُهَا وَعَبِيدُهَا

وَإِطْلَاقُ الْمُقَامَةِ عَلَى أَهْلِهَا فِي قَوْلِ زُهَيْرٍ:

وَفِيهِمْ مَقَامَاتٌ حِسَانٌ وُجُوهُهُمْ ... وَأَنْدِيَةٌ يَنْتَابُهَا الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ

أَيْ أَصْحَابُ مَقَامَاتٍ حِسَانٌ وُجُوهُهُمْ.

وَإِطْلَاقُ الْمَجْمَعِ عَلَى أَهْلِهِ فِي قَوْلِ لَبِيدٍ:

إِنَّا إِذَا الْتَقَتِ الْمَجَامِعُ لَمْ يَزَلْ ... مِنَّا لِزَازٌ عَظِيمَةٌ جِسَامُهَا

الْأَبْيَاتِ الْأَرْبَعَةِ.

وَلَامُ الْأَمْرِ فِي فَلْيَدْعُ نادِيَهُ لِلتَّعْجِيزِ لِأَنَّ أَبَا جَهْلٍ هَدَّدَ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَثْرَةِ أَنْصَارِهِ وَهُمْ أَهْلُ نَادِيهِ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بِأَنَّ أَمْرَهُ بِدَعْوَةِ نَادِيهِ فَإِنَّهُ إِنْ دَعَاهُمْ لِيَسْطُوا عَلَى النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا اللَّهُ مَلَائِكَةً فَأَهْلَكُوهُ. وَهَذِهِ الْآيَةُ مُعْجِزَةٌ خَاصَّةٌ مِنْ مُعْجِزَاتِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ تَحَدَّى أَبَا جَهْلٍ بِهَذَا وَقَدْ سَمِعَ أَبُو جَهْلٍ الْقُرْآنَ وَسَمِعَهُ أَنْصَارُهُ فَلَمْ يُقْدِمْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى السطو على الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ يُلْهِبُ حَمِيَّتَهُ.

وَإِضَافَةُ النَّادِي إِلَى ضَمِيرِهِ لِأَنَّهُ رَئِيسُهُمْ وَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ قَالَتْ إِعْرَابِيَّةٌ: «سَيِّدُ نَادِيهْ، وَثِمَالُ عَافِيهْ» .

وَقَوْلُهُ: سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ جَوَابُ الْأَمْرِ التَّعْجِيزِيِّ، أَيْ فَإِنْ دَعَا نَادِيَهُ دَعَوْنَا لَهُمُ الزَّبَانِيَةَ فَفِعْلُ سَنَدْعُ مَجْزُومٌ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ، وَلِذَلِكَ كُتِبَ فِي الْمُصْحَفِ بِدُونِ وَاوِ وَحَرْفِ الِاسْتِقْبَالِ لِتَأْكِيدِ الْفِعْلِ.

وَالزَّبَانِيَةُ: بِفَتْحِ الزَّايِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ جَمْعُ زَبَّانِي بِفَتْحِ الزَّايِ وَبِتَحْتِيَّةٍ مُشَدَّدَةٍ، أَوْ جَمْعُ زِبْنِيَةٍ بِكَسْرِ الزَّايِ فَمُوَحِّدَةٍ سَاكِنَةٍ فَنُونٌ مَكْسُورَةٌ فَتَحْتِيَّةٌ مُخَفَّفَةٌ، أَوْ جَمْعُ زِبْنِيٍّ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ فَتَحْتِيَّةٍ مُشَدَّدَةٍ. وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ مِثْلَ أَبَابِيلَ وَعَبَادِيدَ.

وَهَذَا الِاسْمُ مُشْتَقٌّ مِنَ الزَّبْنِ وَهُوَ الدَّفْعُ بِشِدَّةٍ يُقَالُ: نَاقَةٌ زَبُونٌ إِذَا كَانَتْ تَرْكُلُ مَنْ يَحْلِبُهَا، وَحَرْبٌ زَبُونٌ يَدْفَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا بِتَكَرُّرِ الْقِتَالِ.