للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آيَاتٍ، وَقِيلَ: وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَقِيلَ وَتِسْعَ عَشْرَةَ، وَقِيلَ: وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ، وَقِيلَ: وَسِتًّا وَثَلَاثِينَ، وَقيل: وسِتمِائَة وَسِتَّة عَشْرَةَ.

قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي «شَرْحِ الْبُرْهَانِ» : قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: قَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعَدَدِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَالْمَدِينَةِ وَالشَّامِ عَلَى تَرْكِ عَدِّ الْبَسْمَلَةِ آيَةً فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي عَدِّهَا وَتَرْكِهَا فِي سُورَةِ الْحَمْدِ لَا غَيْرَ، فَعَدَّهَا آيَةً الْكُوفِيُّ وَالْمَكِّيُّ وَلَمْ يَعُدَّهَا آيَةً الْبَصْرِيُّ وَلَا الشَّامِيُّ وَلَا الْمَدَنِيُّ. وَفِي «الْإِتْقَانِ» كَلَامٌ فِي الضَّابِطِ الْأَوَّلِ مِنَ الضَّوَابِطِ غَيْرُ مُحَرِّرٍ وَهُوَ آيِلٌ إِلَى مَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ، وَرَأَيْتُ فِي عَدِّ بَعْضِ السُّورِ أَنَّ الْمُصْحَفَ الْمَدَنِيَّ عَدَّ آيَهَا أَكْثَرَ مِمَّا فِي الْكُوفِيِّ، وَلَوْ عَنَوْا عَدَّ الْبَسْمَلَةِ لَكَانَ الْكُوفِيُّ أَكْثَرَ.

وَكَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ عددان، يعرف أحد هما بِالْأَوَّلِ وَيُعْرَفُ الْآخَرُ بِالْأَخِيرِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الَّذِينَ تَصَدَّوْا لِعَدِّ الْآيِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ هُمْ: أَبُو جَعْفَرٍ يَزِيدُ بْنُ الْقَعْقَاعِ،

وَأَبُو نِصَاحٍ شَيْبَةُ بْنُ نِصَاحٍ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبٍ السُّلَمِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ كَثِيرٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَقَدِ اتَّفَقَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ عَلَى عَدَدٍ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْعَدَدِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ خَالَفَهُمْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ بِعَدَدٍ انْفَرَدَ بِهِ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْعَدَدُ الثَّانِي، وَقَدْ رَأَيْتُ هَذَا يُنْسَبُ إِلَى أَيُّوبَ بْنِ الْمُتَوَكِّلِ الْبَصْرِيِّ الْمُتَوَفِّي سَنَةَ ٢٠٠.

وَلِأَهْلِ مَكَّةَ عَدَدٌ وَاحِدٌ، وَرُبَّمَا اتَّفَقُوا فِي عَدَدِ آيِ السُّورَةِ الْمُعَيَّنَةِ، وَرُبَّمَا اخْتَلَفُوا، وَقَدْ يُوجَدُ اخْتِلَافٌ تَارَةً فِي مَصَاحِفِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَالشَّامِ، كَمَا نَجِدُ فِي «تَفْسِيرِ الْمَهْدَوِيِّ» وَفِي كُتُبِ عُلُومِ الْقُرْآنِ، وَلِذَلِكَ تَجِدُ الْمُفَسِّرِينَ يَقُولُونَ فِي بَعْضِ السُّور عدد آياتها فِي الْمُصْحَفِ الْفُلَانِيِّ كَذَا. وَقَدْ كَانَ عَدَدُ آيِ السُّوَرِ مَعْرُوفًا فِي زمن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ آخِرُ آيَةٍ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ [الْبَقَرَة: ٢٨١] الْآيَةَ قَالَ جِبْرِيل للنبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَعْهَا فِي رَأْسِ ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَاسْتَمَرَّ الْعَمَلُ بِعَدِّ الْآيِ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ، فَفِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِذَا سَرَّكَ أَنْ تَعْلَمَ جَهْلَ الْعَرَبِ فَاقْرَأْ مَا فَوْقَ الثَّلَاثِينَ وَمِائَةٍ مِنْ سُورَةِ الْأَنْعَامِ [١٤٠] : قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ الْآيَةَ.