للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَوْلُ: مَا لَها اسْتِفْهَامٌ عَنِ الشَّيْءِ الَّذِي ثَبَتَ لِلْأَرْضِ وَلَزِمَهَا لِأَنَّ اللَّامَ تُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ، أَيْ مَا لِلْأَرْضِ فِي هَذَا الزِّلْزَالِ، أَوْ مَا لَهَا زُلْزِلَتْ هَذَا الزِّلْزَالَ، أَيْ مَاذَا سَتَكُونُ عَاقِبَتُهُ. نَزَلَتِ الْأَرْضُ مَنْزِلَةَ قَاصِدٍ مُرِيدٍ يَتَسَاءَلُ النَّاسُ عَنْ قَصْدِهِ مِنْ فِعْلِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَبَيَّنْ غَرَضُهُ مِنْهُ، وَإِنَّمَا يَقَعُ مِثْلُ هَذَا الِاسْتِفْهَامِ غَالِبًا مُرْدَفًا بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِقْرَارِ الَّذِي فِي الْخَبَرِ مِثْلَ أَنْ يُقَالَ: مَا لَهُ يَفْعَلُ كَذَا، أَوْ مَا لَهُ فِي فِعْلِ كَذَا، أَوْ مَا لَهُ وَفُلَانًا، أَيْ مَعَهُ، فَلِذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ هُنَا مُقَدَّرٌ، أَيْ مَا لَهَا زُلْزِلَتْ، أَوْ مَا لَهَا فِي هَذَا الزِّلْزَالِ، أَوْ مَا لَهَا

وَإِخْرَاجَ أَثْقَالِهَا.

وَجُمْلَةُ: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها إِلَخْ جَوَابُ إِذا بِاعْتِبَارِ مَا أُبْدِلَ مِنْهَا مِنْ قَوْلِهِ:

يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ فَيَوْمَئِذٍ بَدَلٌ مِنْ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها وَالْيَوْمُ يُطْلَقُ عَلَى النَّهَارِ مَعَ لَيْلِهِ فَيَكُونُ الزِّلْزَالُ نَهَارًا وَتَتْبَعَهُ حَوَادِثُ فِي اللَّيْلِ مَعَ انكدار النُّجُوم وانتثارها وَقَدْ يُرَادُ بِالْيَوْمِ مُطْلَقُ الزَّمَانِ.

وتُحَدِّثُ أَخْبارَها هُوَ الْعَامِلُ فِي يَوْمَئِذٍ وَفِي الْبَدَلِ، وَالتَّقْدِيرُ يَوْمَ إِذْ تُزَلْزَلُ الْأَرْضُ وَتُخْرِجُ أَثْقَالَهَا وَيَقُولُ النَّاسُ: مَا لَهَا تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا إِلَخْ.

وأَخْبارَها مَفْعُولٌ ثَانٍ لِفِعْلِ تُحَدِّثُ لِأَنَّهُ مِمَّا أُلْحِقَ بِظَنٍّ لِإِفَادَةِ الْخَبَرِ عِلْمًا، وَحُذِفَ مَفْعُولُهُ الْأَوَّلُ لِظُهُورِهِ، أَيْ تُحَدِّثُ الْإِنْسَانَ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنَ الْكَلَامِ هُوَ إِخْبَارُهَا لِمَا فِيهِ مِنَ التَّهْوِيلِ.

وَضَمِيرُ تُحَدِّثُ عَائِدٌ إِلَى الْأَرْضُ وَالتَّحْدِيثُ حَقِيقَتُهُ: أَنْ يَصْدُرَ كَلَامٌ بِخَبَرٍ عَنْ حَدَثٍ.

وَوَرَدَ فِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ! قَالَ: فَإِنَّ أَخْبَارَهَا أَنَّ تَشَهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا تَقُولُ: عَمِلَ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَخْبَارُهَا»

اهـ.

وَجُمِعَ أَخْبارَها بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ دَلَالَتِهَا عَلَى عَدَدِ الْقَائِلِينَ مَا لَها وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْمُبَيَّنُ بِقَوْلِهِ: بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها