سِقَايَةِ زَمْزَمَ فَسَأَلَهُ عَنْهَا، فَقَالَ: سَأَلْتَ عَنْهَا أَحَدًا قَبْلِي؟ قَالَ: نَعَمْ، سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: الْخَيْلُ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ: اذْهَبْ فَادْعُهُ لِي، فَلَمَّا وَقَفْتُ عِنْدَ رَأْسِهِ. قَالَ: تُفْتِي النَّاسَ بِمَا لَا عِلْمَ لَكَ بِهِ وَاللَّهِ لَكَانَتْ أَوَّلَ غَزْوَةٍ فِي الْإِسْلَامِ لَبَدْرٌ وَمَا كَانَ مَعَنَا إِلَّا فَرَسَانِ فَرَسٌ لِلزُّبَيْرِ وَفَرَسٌ لِلْمِقْدَادِ فَكَيْفَ تَكُونُ
الْعَادِيَاتِ ضَبْحًا، إِنَّمَا الْعَادِيَاتُ ضَبْحًا الْإِبِلُ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ وَمِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى (يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ قَبْلَ ابْتِدَاءِ الْغَزْوِ الَّذِي أَوَّلُهُ غَزْوَةُ بَدْرٍ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَنَزَعْتُ عَنْ قَوْلِي وَرَجَعْتُ إِلَى الَّذِي قَالَ عَلِيٌّ»
. وَلَيْسَ فِي قَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهَا مَكِّيَّةٌ وَلَا مَدَنِيَّةٌ وَبِمِثْلِ مَا قَالَ عَلِيٌّ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَإِبْرَاهِيمُ وَمُجَاهِدٌ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ.
وَالضَّبْحُ لَا يُطْلَقُ عَلَى صَوْتِ الْإِبِلِ فِي قَوْلِ أَهْلِ اللُّغَةِ. فَإِذَا حَمَلَ الْعادِياتِ عَلَى أَنَّهَا الْإِبِلُ، فَقَالَ الْمُبَرِّدُ وَبَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: مَنْ جَعَلَهَا لِلْإِبِلِ جَعَلَ ضَبْحاً بِمَعْنَى ضَبْعًا، يُقَالُ: ضَبَحَتِ النَّاقَةُ فِي سَيْرِهَا وَضَبَعَتْ، إِذَا مَدَّتْ ضَبْعَيْهَا فِي السَّيْرِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ:
ضَبَحَتِ الْخَيْلُ وَضَبَعَتْ، إِذَا عَدَتْ وَهُوَ أَنْ يَمُدَّ الْفَرَسُ ضَبْعَيْهِ إِذَا عَدَا، أَيْ فَالضَّبْحُ لُغَةٌ فِي الضَّبْعِ وَهُوَ مِنْ قَلْبِ الْعَيْنِ حَاءً. قَالَ فِي «الْكَشَّافِ» : «وَلَيْسَ بِثَبْتٍ» . وَلَكِنْ صَاحِبُ «الْقَامُوسِ» اعْتَمَدَهُ. وَعَلَى تَفْسِيرِ الْعادِياتِ بِأَنَّهَا الْإِبِلُ يَكُونُ الضَّبْحُ اسْتُعِيرَ لِصَوْتِ الْإِبِلِ، أَيْ مِنْ شِدَّةِ الْعَدْوِ قَوِيَتِ الْأَصْوَاتُ الْمُتَرَدِّدَةُ فِي حَنَاجِرِهَا حَتَّى أَشْبَهَتْ ضَبْحَ الْخَيْلِ أَوْ أُرِيدَ بِالضَّبْحِ الضَّبْعُ عَلَى لُغَةِ الْإِبْدَالِ.
وَانْتَصَبَ ضَبْحاً فَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ حَالًا مِنَ الْعادِياتِ إِذَا أُرِيدَ بِهِ الصَّوْتُ الَّذِي يَتَرَدَّدُ فِي جَوْفِهَا حِينَ الْعَدْوِ، أَوْ يُجْعَلُ مُبَيِّنًا لِنَوْعِ الْعَدْوِ إِذَا كَانَ أَصْلُهُ: ضَبْحًا.
وَعَلَى وَجْهِ أَنَّ الْمُقْسَمَ بِهِ رَوَاحِلُ الْحَجِّ فَالْقَسَمُ بِهَا لِتَعْظِيمِهَا بِمَا تُعِينُ بِهِ عَلَى مَنَاسِكِ الْحَجِّ. وَاخْتِيرَ الْقَسَمُ بِهَا لِأَنَّ السَّامِعِينَ يُوقِنُونَ أَنَّ مَا يُقْسَمُ عَلَيْهِ بِهَا مُحَقَّقٌ، فَهِيَ مُعَظَّمَةٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُسْلِمِينَ.
وَالْمُورِيَاتُ: الَّتِي تُورِي، أَيْ تُوقِدُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute