للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُسْتَعْمَلًا فِي التَّهَكُّمِ عَلَيْهِ فِي حِرْصِهِ عَلَى جَمْعِ الْمَالِ وَتَعْدِيدِهِ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ مَنْ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ يُخْلِدُهُ، فَيَكُونَ الْكَلَامُ مِنْ قَبِيلِ التَّمْثِيلِ، أَوْ تَكُونَ الْحَالُ مُرَادًا بِهَا التَّشْبِيهُ وَهُوَ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ.

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ وَالْخَبَرُ مُسْتَعْمَلًا فِي الْإِنْكَارِ، أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ هَمْزَةِ اسْتِفْهَامٍ مَحْذُوفَةٍ مُسْتَعْمَلًا فِي التَّهَكُّمِ أَو التعجيب.

وَجِيء بِصِيغَة الْمُضِيّ فِي أَخْلَدَهُ لتنزيل الْمُسْتَقْبل منزلَة الْمَاضِي لتحققه عِنْده، وَذَلِكَ زِيَادَة فِي التهكم بِهِ بِأَنَّهُ مُوقِنٌ بِأَنَّ مَالَهُ يُخْلِدُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ حَصَلَ إِخْلَادُهُ وَثَبَتَ.

وَالْهَمْزَةُ فِي أَخْلَدَهُ لِلتَّعْدِيَةِ، أَيْ جَعَلَهُ خَالِدًا.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: يَحْسِبُ بِكَسْرِ السِّينِ. وَقَرَأَهُ ابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَأَبُو جَعْفَرٍ

بِفَتْحِ السِّينِ وَهُمَا لُغَتَانِ.

وَمَعْنَى الْآيَةِ: أَنَّ الَّذِينَ جَمَعُوا الْمَالَ يُشْبِهُ حَالُهُمْ حَالَ مَنْ يَحْسَبُ أَنَّ الْمَالَ يَقِيهِمُ الْمَوْتَ وَيَجْعَلُهُمْ خَالِدِينَ لِأَنَّ الْخُلُودَ فِي الدُّنْيَا أَقْصَى مُتَمَنَّاهُمْ إِذْ لَا يُؤْمِنُونَ بِحَيَاةٍ أُخْرَى خَالِدَةٍ.

وكَلَّا إِبْطَالٌ لِأَنْ يَكُونَ الْمَالُ مُخَلِّدًا لَهُمْ. وَزَجْرٌ عَنِ التَّلَبُّسِ بِالْحَالَةِ الشَّنِيعَةِ الَّتِي جَعَلَتْهُمْ فِي حَالِ مَنْ يَحْسَبُ أَنَّ الْمَالَ يُخْلِدُ صَاحِبَهُ، أَوْ إِبْطَالٌ لِلْحِرْصِ فِي جَمْعِ الْمَالِ جَمْعًا يَمْنَعُ بِهِ حُقُوقَ اللَّهِ فِي الْمَالِ مِنْ نَفَقَاتٍ وَزَكَاةٍ.

لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (٥) نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧) اسْتِئْنَاف بياني ناشىء عَن مَا تَضَمَّنَتْهُ جُمْلَةُ: يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ مِنَ التَّهَكُّمِ وَالْإِنْكَارِ، وَمَا أَفَادَهُ حَرْفُ الزَّجْرِ مِنْ مَعْنَى التَّوَعُّدِ.

وَالْمَعْنَى: لَيُهْلَكَنَّ فَلَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ.

وَاللَّامُ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ. وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى الْهُمَزَةِ.