للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلْتُ: وَأَمَّا قَوْلُ الْمَعَرِّيِّ:

الْحَجْلُ لِلرِّجْلِ وَالتَّاجُ الْمُنِيفُ لِمَا ... فَوْقَ الْحِجَاجِ وَعِقْدُ الدُّرِّ لِلْعُنُقِ

فَإِنَّمَا حَسَّنَهُ مَا بَيْنَ الْعِقْدِ وَالْعُنُقِ مِنِ الْجِنَاسِ إِتْمَامًا لِلْمُجَانَسَةِ الَّتِي بَيْنَ الْحَجْلِ وَالرِّجْلِ، وَالتَّاجِ وَالْحِجَاجِ، وَهُوَ مَقْصُودُ الشَّاعِرِ.

وَالْحَبْلُ: مَا يُرْبَطُ بِهِ الْأَشْيَاءُ الَّتِي يُرَادُ اتِّصَالُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَتُقَيَّدُ بِهِ الدَّابَّة والمسجون كَيْلا يَبْرَحَ مِنَ الْمَكَانِ، وَهُوَ ضَفِيرٌ مِنَ اللِّيفِ أَوْ مِنْ سُيُورِ جِلْدٍ فِي طُولٍ مُتَفَاوِتٍ عَلَى حَسَبِ قُوَّةِ مَا يُشَدُّ بِهِ أَوْ يُرْبَطُ فِي وَتْدٍ أَوْ حَلْقَةٍ أَوْ شَجَرَةٍ بِحَيْثُ يُمْنَعُ الْمَرْبُوطُ بِهِ مِنْ مُغَادَرَةِ مَوْضِعِهِ إِلَى غَيره على بُعْدٍ يُرَادُ، وَتُرْبَطُ بِهِ قلوع السفن وتشد بِهِ السُّفُنِ فِي الْأَرْضِ فِي الشَّوَاطِئِ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً، وَقَوْلِهِ:

إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ كِلَاهَا فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [١٠٣- ١١٢] ، وَيُقَالُ:

حَبَلَهُ إِذَا رَبَطَهُ.

وَالْمَسَدُ: لِيفٌ مِنْ لِيفِ الْيَمَنِ شَدِيدٌ، وَالْحِبَالُ الَّتِي تُفْتَلُ مِنْهُ تَكُونُ قَوِيَّةً وَصُلْبَةً.

وَقُدِّمَ الْخَبَرُ مِنْ قَوْلِهِ: فِي جِيدِها لِلِاهْتِمَامِ بِوَصْفِ تِلْكَ الْحَالَةِ الْفَظِيعَةِ الَّتِي عُوِّضَتْ فِيهَا بِحَبْلٍ فِي جِيدِهَا عَنِ الْعِقْدِ الَّذِي كَانَتْ تُحَلِّي بِهِ جِيدَهَا فِي الدُّنْيَا فتربط بِهِ إِذْ قد كَانَتْ هِيَ وَزَوْجُهَا مِنْ أَهْلِ الثَّرَاءِ وَسَادَةِ أَهْلِ الْبَطْحَاءِ، وَقَدْ مَاتَتْ أُمُّ جَمِيلٍ عَلَى الشِّرْكِ.