وَزِيدَ فِي التَّحْذِيرِ بِقَوْلِهِ: وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ، وَذِكْرُ اسْمِ الْجَلَالَةِ فِيهِ مَعَ إِمْكَانِ الِاسْتِغْنَاءِ بِقَوْلِهِ: «وَلْيَتَقِّ رَبَّهُ» لِإِدْخَالِ الرَّوْعِ فِي ضَمِيرِ السَّامِعِ وَتَرْبِيَةِ الْمَهَابَةِ.
وَقَوْلُهُ: الَّذِي اؤْتُمِنَ وَقَعَ فِيهِ يَاءٌ هِيَ الْمَدَّةُ فِي آخِرِ (الَّذِي) وَوَقَعَ بَعْدَهُ هَمْزَتَانِ أُولَاهُمَا وَصَلْيَةٌ وَهِيَ هَمْزَةُ الِافْتِعَالِ، وَالثَّانِيَةُ قَطْعِيَّةٌ أَصْلِيَّةٌ، فَقَرَأَهُ الْجُمْهُورُ بِكَسْرِ ذَالِ الَّذِي وَبِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَ كَسْرَةِ الذَّالِ لِأَنَّ هَمْزَةَ الْوَصْلِ سَقَطَتْ فِي الدَّرَجِ فَبَقِيَتِ الْهَمْزَةُ عَلَى سُكُونِهَا إِذِ الدَّاعِي لِقَلْبِ الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ مَدًّا قَدْ زَالَ، وَهُوَ الْهَمْزَةُ الْأُولَى، فَفِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ تَصْحِيحٌ لِلْهَمْزَةِ إِذْ لَا دَاعِيَ لِلْإِعْلَالِ.
وَقَرَأَهُ وَرْشٌ عَنْ نَافِعٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَأَبُو جَعْفَرٍ: الَّذِيتُمِنَ بِيَاءٍ بَعْدَ ذَالِ الَّذِي، ثُمَّ فَوْقِيَّةٍ مَضْمُومَةٍ: اعْتِبَارًا بِأَنَّ الْهَمْزَةَ الْأَصْلِيَّةَ قَدِ انْقَلَبَتْ وَاوًا بَعْدَ هَمْزَةِ الِافْتِعَالِ الْوَصْلِيَّةِ لِأَنَّ الشَّأْنَ ضَمُّ هَمْزَةِ الْوَصْلِ مُجَانَسَةً لِحَرَكَةِ تَاءِ الِافْتِعَالِ عِنْدَ الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، فَلَمَّا حُذِفَتْ هَمْزَةُ الْوَصْلِ فِي الدَّرَجِ بَقِيَتِ الْهَمْزَةُ الثَّانِيَةُ واوا بعد كسرة ذَالِ (الَّذِي) فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً فَفِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ قَلْبَانِ.
وَقَرَأَهُ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ: الَّذِي اوْتُمِنَ بِقَلْبِ الْهَمْزَةِ وَاوًا تَبَعًا لِلضَّمَّةِ مُشِيرًا بِهَا إِلَى الْهَمْزَةِ.
وَهَذَا الِاخْتِلَافُ رَاجِعٌ إِلَى وَجْهِ الْأَدَاءِ فَلَا مُخَالَفَةَ فِيهِ لِرَسْمِ الْمُصْحَفِ.
وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ.
وِصَايَةٌ ثَانِيَةٌ لِلشُّهَدَاءِ تَجْمَعُ الشَّهَادَاتِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ فَإِنَّهُ أَمَرَ أَنْ يَكْتُبَ الشَّاهِدُ بِالْعَدْلِ، ثُمَّ نَهَى عَنِ الِامْتِنَاعِ مِنَ الْكِتَابَةِ بَيْنَ الْمُتَدَايِنَيْنِ، وَأَعْقَبَ ذَلِكَ بِالنَّهْيِ عَنْ كِتْمَانِ الشَّهَادَةِ كُلِّهَا. فَكَانَ هَذَا النَّهْيُ- بِعُمُومِهِ- بِمَنْزِلَةِ التَّذْيِيلِ لِأَحْكَامِ الشَّهَادَةِ فِي الدَّيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute