عَلَى كَفَالَةِ بِنْتِ حَبْرِهِمُ الْكَبِيرِ، وَاقْتَرَعُوا عَلَى ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي، فَطَارَتِ الْقُرْعَةُ لِزَكَرِيَّاءَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ جَعْلَ كَفَالَتِهَا لِلْأَحْبَارِ لِأَنَّهَا مُحَرَّرَةٌ لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ فَيَلْزَمُ أَنْ تُرَبَّى تَرْبِيَةً صَالِحَةً لِذَلِكَ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُور: وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا- بِتَخْفِيفِ الْفَاءِ مِنْ كَفَلَهَا- أَيْ تَوَلَّى كَفَالَتَهَا، وَقَرَأَ حَمْزَةُ، وَعَاصِمٌ، وَالْكِسَائِيُّ، وَخَلَفٌ: وَكَفَّلَهَا- بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ- أَيْ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ زَكَرِيَّاءَ كَافِلًا لَهَا، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ زَكَرِيَّاءُ بِهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ، مَمْدُودًا وَبِرَفْعِ الْهَمْزَةِ. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ، وَخَلَفٌ: بِالْقَصْرِ، وَقَرَأَهُ أَبُو بَكْرٍ عَن عَاصِم: بِالْهَمْز فِي آخِرِهِ وَنَصَبَ الْهَمْزَةَ.
كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ.
دَلَّ قَوْلُهُ: كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً عَلَى كَلَامٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ فَكَانَتْ مَرْيَمُ مُلَازِمَةً لِخِدْمَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَكَانَتْ تَتَعَبَّدُ بمَكَان تتخذه بهَا مِحْرَابًا، وَكَانَ زَكَرِيَّاءُ يَتَعَهَّدُ تَعَبُّدَهَا فَيَرَى كَرَامَةً لَهَا أَنَّ عِنْدَهَا ثِمَارًا فِي غَيْرِ وَقْتِ وُجُودِ صِنْفِهَا.
كُلَّما مُرَكَّبَةٌ مِنْ (كُلَّ) الَّذِي هُوَ اسْمٌ لِعُمُومِ مَا يُضَافُ هُوَ إِلَيْهِ، وَمِنْ (مَا) الظَّرْفِيَّةِ وَصِلَتِهَا الْمُقَدَّرَةِ بِالْمَصْدَرِ، وَالتَّقْدِيرُ: كُلَّ وَقْتِ دُخُولِ زَكَرِيَّاءَ عَلَيْهَا وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا.
وَانْتَصَبَ كُلَّ عَلَى النِّيَابَةِ عَنِ الْمَفْعُولِ فِيهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٢٥] .
فَجُمْلَةُ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً حَال من زَكَرِيَّا فِي قَوْله وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا [آل عمرَان:
٣٦] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute