رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ فِيمَا يَفْعَلُونَ وَفِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ رَأْسُ الْمُنَافِقِينَ، فَأَشَارَ جُمْهُورُهُمْ بِالتَّحَصُّنِ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِمُ الْمُشْرِكُونَ الْمَدِينَةَ قَاتَلُوهُمْ فِي الدِّيَارِ والحصون فغلبوهم، وَإِن رَجَعُوا رَجَعُوا خَائِبِينَ، وَأَشَارَ فَرِيقٌ بِالْخُرُوجِ وَرَغِبُوا فِي الْجِهَادِ وَأَلَحُّوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْيِ الْمُشِيرِينَ بِالْخُرُوجِ، وَلَبِسَ لَأْمَتَهُ، ثُمَّ عَرَضَ لِلْمُسْلِمِينَ تَرَدُّدٌ فِي الْخُرُوجِ فَرَاجَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ: «لَا يَنْبَغِي لِنَبِيءٍ أَنْ يَلْبَسَ لَأْمَتَهُ فَيَضَعَهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ»
. وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِينَ إِلَى جَبَلِ أُحُدٍ وَكَانَ الْجَبَلُ وَرَاءَهُمْ، وَصَفَّهُمْ لِلْحَرْبِ، وَانْكَشَفَتِ الْحَرْبُ عَنْ هَزِيمَةٍ خَفِيفَةٍ لَحِقَتِ الْمُسْلِمِينَ بِسَبَبِ مَكِيدَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ رَأس الْمُنَافِقين، إِذا انْخَزَلَ هُوَ وَثُلُثُ الْجَيْشِ، وَكَانَ عَدَدُ جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ سَبْعَمِائَةٍ، وَعَدَدُ جَيْشِ أَهْلِ مَكَّةَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ، وَهَمَّتْ بَنُو سَلَمَةَ وَبَنُو حَارِثَةَ من الْمُسلمين بالانخذال، ثُمَّ عَصَمَهُمُ اللَّهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُما أَيْ نَاصِرُهُمَا عَلَى ذَلِكَ الْهَمِّ الشَّيْطَانِيِّ، الَّذِي لَوْ صَارَ عَزْمًا لَكَانَ سَبَبَ شَقَائِهِمَا، فَلِعِنَايَةِ اللَّهِ بِهِمَا بَرَّأَهُمَا اللَّهُ مِنْ فِعْلِ مَا هَمَّتَا بِهِ، وَفِي «الْبُخَارِيِّ» عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «نَحْنُ الطَّائِفَتَانِ بَنُو حَارِثَةَ وَبَنُو سَلَمَةَ وَفِينَا نَزَلَتْ إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَمَا يَسُرُّنِي أَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ وَاللَّهُ يَقُولُ: وَاللَّهُ وَلِيُّهُما وَانْكَشَفَتِ الْوَاقِعَةُ عَنْ مَرْجُوحِيَّةِ الْمُسْلِمِينَ إِذْ قُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ، وَقُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ نَيِّفٌ وَعِشْرُونَ وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ يَوْمَئِذٍ: «اعْلُ هُبْلُ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَالْحَرْبُ سِجَالٌ» وَقُتِلَ حَمْزَةُ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَمَثَّلَتْ بِهِ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، زَوْجُ أَبِي سُفْيَانَ، إِذْ بَقَرَتْ عَنْ بَطْنِهِ وَقَطَعَتْ قِطْعَةً مِنْ كَبِدِهِ لِتَأْكُلَهَا لِإِحْنَةٍ كَانَتْ فِي قَلْبِهَا عَلَيْهِ إِذْ قَتَلَ أَبَاهَا عُتْبَةَ يَوْمَ بَدْرٍ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ بَعْدُ وَحَسُنَ إِسْلَامُهَا. وَشُجَّ وَجْهُ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ. وَالْغُدُوُّ: الْخُرُوجُ فِي وَقْتِ الْغَدَاةِ.
وَ (مِنْ) فِي قَوْلِهِ: مِنْ أَهْلِكَ ابْتِدَائِيَّةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute