وَجُمْلَةُ يُخْفُونَ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يَقُولُونَ أَيْ يَقُولُونَ ذَلِكَ فِي حَالِ نِيَّتِهِمْ غَيْرَ ظَاهِرِهِ، فَ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ إِعْلَانٌ بِنِفَاقِهِمْ، وَأَنَّ قَوْلَهُمْ: هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ وَقَوْلَهُمْ: لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنا هاهُنا هُوَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ صُورَةَ الْعِتَابِ عَنْ تَرْكِ مَشُورَتِهِمْ فَنِّيَّتُهُمْ مِنْهُ تَخْطِئَةُ النَّبِيءِ فِي خُرُوجِهِ بِالْمُسْلِمِينَ إِلَى أُحُدٍ، وَأَنَّهُمْ أَسَدُّ رَأْيًا مِنْهُ.
وَجُمْلَةُ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ جُمْلَةِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ إِذْ كَانُوا قَدْ قَالُوا ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَلَمْ يُظْهِرُوهُ، أَوْ هِيَ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ إِذَا أَظْهَرُوا قَوْلَهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ، فَتَرْجِعُ الْجُمْلَةُ إِلَى مَعْنَى بَدَلِ الِاشْتِمَالِ مِنْ جُمْلَةِ يَظُنُّونَ لِأَنَّهَا لَمَّا بَيَّنَتْ جُمْلَةَ هِيَ بَدَلٌ فَهِيَ أَيْضًا كَالَّتِي بَيَّنَتْهَا، وَهَذَا أَظْهَرُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ: قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ تِلْكَ الْقَالَةَ فَشَتْ وَبَلَغَتِ الرَّسُولَ، وَلَا يَحْسُنُ كَوْنُ جُمْلَةِ يَقُولُونَ لَوْ كانَ إِلَى آخِرِهِ مُسْتَأْنَفَةً خِلَافًا لِمَا فِي «الْكَشَّافِ» .
وَهَذِهِ الْمَقَالَةُ صَدَرَتْ مِنْ مَعَتِّبِ بْنِ قُشَيْرٍ قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ: غَشِيَنِي النُّعَاسُ فَسَمِعْتُ مُعَتِّبَ بْنَ قُشَيْرٍ يَقُولُ: لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا. فَحَكَى الْقُرْآنُ مَقَالَتَهُ كَمَا قَالَهَا، وَأُسْنِدَتْ إِلَى جَمِيعِهِمْ لِأَنَّهُمْ سَمِعُوهَا وَرَضُوا بِهَا.
وَجُمْلَةُ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ رَدَّ عَلَيْهِمْ هَذَا الْعُذْرَ الْبَاطِلَ أَيْ أَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ غَيْرُ مُحْتَاجَيْنِ إِلَى أَمْرِكُمْ. وَالْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: كُلَّهُ- بِالنَّصْبِ- تَأْكِيدًا لِاسْمِ إِنَّ، وَقَرَأَهُ أَبُو عَمْرٍو، وَيَعْقُوبُ- بِالرَّفْعِ- عَلَى نِيَّةِ الِابْتِدَاءِ. وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ إِنَّ.
قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute