للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- ٧٤٨ -

قَالَ: فالمغضوب عَلَيْهِم: جنس للْفرق الَّتِي تَعَمّدت ذَلِك واستخفت بالديانة عَن عمد أَو تَأْوِيل بعيد جدا، والضالون: جنس للْفرق الَّتِي أَخْطَأت الدَّين عَن سوء فهم وَقلة إصغاء، وكلا الْفَرِيقَيْنِ مَذْمُوم لأننا مأمورون بِاتِّبَاع سَبِيل الْحق وَصرف الْجهد إِلَى إِصَابَته، وَالْيَهُود من الْفَرِيق الأول وَالنَّصَارَى من الْفَرِيق الثَّانِي وَمَا ورد فِي الْأَثر مِمَّا ظَاهره تَفْسِير {المغضوب عَلَيْهِم} باليهود و {الضَّالّين بالنصارى} فَهُوَ إِشَارَة إِلَى أَن فِي الْآيَة تعريضًا بِهَذَيْنِ الْفَرِيقَيْنِ اللَّذين حق عَلَيْهِمَا هَذَانِ الوصفان لِأَن كلا مِنْهُمَا صَار علما فِيمَا أُرِيد التَّعْرِيض بِهِ فِيهِ. فَقَوله: "وَمَا ورد فِي الْأَثر مِمَّا ظَاهره.. "وَاضح جدا فِيمَا ذكرته، وَتَفْسِير الْآيَة بذلك يعْتَبر نصا فِيهَا لَا ظَاهرا كَمَا يُوهم كَلَامه وَهُوَ حَدِيث مَشْهُور رَوَاهُ عدَّة وَاتفقَ السّلف على تَفْسِير الْآيَة بذلك حَتَّى قَالَ ابْن أبي حَاتِم: لَا أعلم بَين الْمُفَسّرين فِي هَذَا الْحَرْف خلافًا. وَرُبمَا نقد بعض الْأَحَادِيث ثمَّ تنَاقض. وَقد وهم فِي حَدِيث نسبه للنَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَهُوَ من مَشْهُور كَلَام عَليّ بن أبي طَالب وَذَلِكَ فِي قَوْله:

فالعالم يحرم عَلَيْهِ أَن يكتم من علمه مَا فِيهِ هدى للنَّاس لِأَن كتم الْهدى إِيقَاع فِي الضَّلَالَة سَوَاء فِي ذَلِك الْعلم الَّذِي بلغَة إِلَيْهِ فِي تَارِيخ الْخَبَر كالقرآن وَالسّنة الصَّحِيحَة وَالْعلم الَّذِي يحصل عَن النّظر كالاجتهادات إِذا بلغَة مبلغ غَلَبَة الظَّن بِأَن فِيهَا خيرا للْمُسلمين، وَيحرم عَلَيْهِ بطرِيق الْقيَاس الَّذِي تومئ إِلَيْهِ الْعلَّة أَن يثبت فِي النَّاس مَا يوقعهم فِي أَوْهَام بِأَن يلقنها وَهُوَ لَا يحسن تزيلها وَلَا تَأْوِيلهَا، فقد قَالَ رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم -: "حدثوا النَّاس بِمَا يفهمون أتحبون أَن يكذب الله وَرَسُوله؟ " وَكَذَلِكَ كل مَا يعلم أَن النَّاس لَا يحسنون وَضعه.

وَهُوَ يتَعَرَّض لذكر أَسبَاب النُّزُول وَقد أفرد لَهَا الْمُقدمَة الْخَامِسَة حَيْثُ