وَقَوْلُهُ: فَلَهُنَّ أُعِيدَ الضَّمِيرُ إِلَى نِسَاءٍ، وَالْمُرَادُ مَا يَصْدُقُ بِالْمَرْأَتَيْنِ تَغْلِيبًا لِلْجَمْعِ عَلَى الْمُثَنَّى اعْتِمَادًا عَلَى الْقَرِينَةِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: «وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً» - بِنَصْبِ وَاحِدَةٍ- عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَتْ، وَاسْمُ كَانَتْ ضَمِيرٌ عَائِدٌ إِلَى مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: فِي أَوْلادِكُمْ مِنْ مُفْرَدِ وَلَدٍ، أَيْ وَإِنْ كَانَتِ الْوَلَدُ بِنْتًا وَاحِدَةً، وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَأَبُو جَعْفَرٍ- بِالرَّفْعِ- عَلَى أَنَّ كَانَ تَامَّةٌ، وَالتَّقْدِيرُ: وَإِنْ وُجِدَتْ بِنْتٌ وَاحِدَةٌ، لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فَإِنْ كُنَّ نِساءً.
وَصِيغَةُ أَوْلادِكُمْ صِيغَةُ عُمُومٍ لِأَنَّ أَوْلَادَ جَمْعٌ مُعَرَّفٌ بِالْإِضَافَةِ، وَالْجَمْعُ الْمُعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ، وَهَذَا الْعُمُومُ، خَصَّصَهُ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ:
الْأَوَّلُ: خَصَّ مِنْهُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ قَالَ: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَجَمِيعُ الصَّحَابَةِ وَأُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ.
وَصَحَّ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَافَقَ عَلَيْهِ فِي مَجْلِسِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَمَنْ حَضَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ كَمَا فِي «الصَّحِيحَيْنِ» .
الثَّانِي: اخْتِلَافُ الدِّينِ بِالْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ.
الثَّالِثُ: قَاتِلُ الْعَمْدِ لَا يَرِثُ قَرِيبَهُ فِي شَيْءٍ.
الرَّابِعُ: قَاتِلُ الْخَطَأِ لَا يَرِثُ مِنَ الدِّيَةِ شَيْئًا.
وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ الضَّمِيرُ الْمُفْرَدُ عَائِدٌ إِلَى الْمَيِّتِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ إِذْ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي قِسْمَةِ مَالِ الْمَيِّتِ. وَجَاءَ الْكَلَامُ عَلَى طَرِيقَةِ الْإِجْمَالِ وَالتَّفْصِيلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute