للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَانْتَصَبَ قَوْلُهُ: كَلالَةً عَلَى الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يُورَثُ الَّذِي هُوَ كَلَالَةٌ مِنْ وَارِثِهِ أَيْ قَرِيبٌ غَيْرُ الْأَقْرَبِ لِأَنَّ الْكَلَالَةَ يَصِحُّ أَنْ يُوصَفَ بِهَا كِلَا الْقَرِيبَيْنِ.

وَقَوله: أَوِ امْرَأَةٌ عُطِفَ عَلَى رَجُلٌ الَّذِي هُوَ اسْمُ (كَانَ) فَيُشَارِكُ الْمَعْطُوفُ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ فِي خَبَرِ (كَانَ) إِذْ لَا يَكُونُ لَهَا اسْمٌ بِدُونِ خَبَرٍ فِي حَالِ نُقْصَانِهَا.

وَقَوله: وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ يَتَعَيَّنُ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ فِي مَعْنَى الْكَلَالَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِمَا الْأَخَ وَالْأُخْتَ لِلْأُمِّ خَاصَّةً لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْمَيِّتُ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ وَقُلْنَا لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ وَجَعَلْنَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ نَعْلَمُ بِحُكْمِ مَا يُشْبِهُ دَلَالَةَ الِاقْتِضَاءِ أَنَّهُمَا الْأَخُ وَالْأُخْتُ لِلْأُمِّ لِأَنَّهُمَا لَمَّا كَانَتْ نِهَايَةُ حَظِّهِمَا الثُّلُثَ فَقَدْ بَقِيَ الثُّلُثَانِ فَلَوْ كَانَ الْأَخُ وَالْأُخْتُ هُمَا الشَّقِيقَيْنِ أَوِ اللَّذَيْنِ لِلْأَبِ لَاقْتَضَى أَنَّهُمَا أَخَذَا أَقَلَّ الْمَالِ وَتُرِكَ الْبَاقِي لِغَيْرِهِمَا وَهَلْ يَكُونُ غَيْرُهُمَا أَقْرَبَ مِنْهُمَا فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْأَخَ وَالْأُخْتَ مُرَادٌ بِهِمَا اللَّذَانِ لِلْأُمِّ خَاصَّةً لِيَكُونَ الثُّلُثَانِ لِلْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ أَوِ الْأَعْمَامِ أَوْ بَنِي الْأَعْمَامِ. وَقَدْ أَثْبَتَ اللَّهُ بِهَذَا فَرْضًا لِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ إِبْطَالًا لِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ إِلْغَاءِ جَانِبِ الْأُمُومَةِ أَصْلًا، لِأَنَّهُ جَانِبُ نِسَاءٍ وَلَمْ يُحْتَجْ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى مَصِيرِ بَقِيَّةِ الْمَالِ لِمَا قَدَّمْنَا بَيَانَهُ آنِفًا مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحَالَ أَمْرَ الْعِصَابَةِ عَلَى مَا هُوَ مُتَعَارَفٌ بَيْنَ مَنْ نَزَلَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ.

وعَلى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ الْكَلَالَةِ لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْأَخِ وَالْأُخْتِ اللَّذَيْنِ لِلْأُمِّ إِذْ قَدْ يُفْرَضُ لِلْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ نصيب هُوَ الثُّلُث وَيبقى الثُّلُثَانِ لِعَاصِبٍ أَقْوَى وَهُوَ الْأَبُ فِي بَعْضِ صُوَرِ الْكَلَالَةِ غَيْرَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَافَقَ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَخِ وَالْأُخْتِ اللَّذَانِ لِلْأُمِّ وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ عِنْدَهُ أَنَّ اللَّهَ أَطْلَقَ الْكَلَالَةَ وَقَدْ لَا يَكُونُ فِيهَا أَبٌ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْأَخِ وَالْأُخْتِ الشَّقِيقَيْنِ أَوِ اللَّذَيْنِ لِلْأَبِ لَأَعْطَيْنَاهُمَا الثُّلُثَ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ وَبَقِيَ مُعْظَمُ الْمَالِ لِمَنْ هُوَ دُونُ الْإِخْوَة فِي التَّعْصِيب فَهَذَا فِيمَا أَرَى هُوَ الَّذِي حَدَا سَائِرَ الصَّحَابَةِ وَالْفُقَهَاءِ إِلَى حَمْلِ الْأَخِ وَالْأُخْت على الَّذين لِلْأُمِّ. وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْكَلَالَةَ فِي آخِرِ السُّورَةِ بِصُورَةٍ أُخْرَى سَنَتَعَرَّضُ لَهَا.